للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقعْ مَقصودًا حَسبَ ما وَقَعَ في المعرَّفِ باللَّامِ، بدليلِ ما ذكرتُهُ من قبل (١) من أنّ التَّعريفَ في العَلَمِ مُخْتَلِطٌ بسائِرِ أجزاءِ معنى العَلَم، بخلافِ المُبْهَمِ والمعرَّفِ باللَّامِ وكذلك قُلنا بأنَّ تَعريفَ المُبهَمِ كتعريفِ المُعَرَّفِ باللَّام غيرُ قابلٍ للفَسخِ بخَلافِ العَلَمِ، فإنَّ تعريفَه قابِلٌ للفَسْخِ، وبهذا خَرَجَ الجَوابُ عن السُّؤالِ الثَّاني فإنَّ المضافَ والمعرّفَ باللَّام مُتَكَافآن حُكمًا، ولذلك نابت (٢) اللَّامُ عن الإِضافةِ في قولِكَ: مررتُ برَجُلٍ حَسَنِ الوَجْهِ. الأصلُ الثَّاني: أنَّ التَّعريفَ في الصِّفةِ يَجِبُ أن يَكونَ على سَنَنِ التَّعريفِ في المَوصوفِ، فإذا وَقَعَ تَعريفٌ في الموصوف بكلمة وما وراء التعريف فيه بكلمة وجب أن يكون التعريف في الصِّفَةِ كذلك حَتَّى يَتَطَابَقَا، بيانُه: أنَّك إذا قُلتَ: جاءَني الرَّجُلُ فكأنَّه قيل لَك: أيُّ الرِّجالِ جاءَك العالمُ منهم أَم الجاهلُ؟، فإذا قلتُ العالمُ جاءَ زادَ التَّعريفُ في الجَوابِ، على سَنَنِ التَّعريفِ في السُّؤالِ، وهذا لأنَّ معنى السؤالِ كما هو الذي هو عالمٌ من الرِّجال جاءَك أم الذي هو جاهِلٌ منهم فكذلِكَ معنى الجَواب الذي هو عالمٌ من الرِّجال جاءَني أم الذي هو جاهِلٌ، بخلافِ ما لَو قلتَ في الجَوابِ هذا، وهذا لأنَّ في قولك: هذا، لا يخلو من أن يَشْتَمِلَ على معنى وراءَ معنى الإِشارَةِ أو لا، فلَئِن لم يَشْتَمِلْ لَمْ يَجز أن يَقَعَ جَوابًا لأنَّه يَسألُك عن شَيئين فتُجِيبُهُ عن أَحدِهما، ولئن اشتَمَلَ لم يَجُز أن يَقَعَ أيضًا جَوابًا، لأنَّ الفَكَّ الذي ذَكَرْتُه فيما هُناك بَيْنَ لامِ التَّعريفِ وبينَ الدَّاخِلِ عليه لامُ التَّعريفِ غيرُ واقعٍ ها هُنا ضَرورةَ أنَّ الفَكَّ إنَّما يَجرِي بين كَلِمَتين، واسمُ الإِشارةِ كلمةٌ واحِدَةٌ، وكذلك إذا جِئتَ بالعَلَمِ.

قالَ جارُ الله: "فَصلٌ، وحقُّ الصِّفةِ أن تَصحَبَ الموصوفَ إلَّا إذا ظَهَرَ أمرُه ظُهورًا فيُستَغنى عن ذِكْرِهِ، فحينئذٍ يجوزُ تَركُه وإقامةُ الصِّفةِ مقامه كقوله (٣):


(١) في (ب) فقط.
(٢) في (ب) فقط.
(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. وهو من عينيّته المشهورة التي أولها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>