للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّاذا تَسألُ؟ فأثبتوا الألفِ في "ما" فَلولا أنَّ "ما" مع "ذا" بمنزلَةِ اسمٍ واحدٍ لقالوا: عَمَّ ذا تسألُ؟ وقوله (١):

يا خَزرُ تَغلبَ ماذا بَالُ نِسوَتِكُم

فاستعمل ذا استعمالَ "ما" من غيرِ أن يُضَمَّ إليها شَيءٌ، وهذا لأنَّ المُستَعمَلَ ما بالُك دونَ الآخرِ، ومنه قَوله (٢):

دَعِي ماذا علمتُ فأتَّقِيهِ … ولكنْ بالمغيَّبِ نَبِّئِنِي

كأنَّه قالَ: دَعي شَيئًا علمتُ، ويُشبِهُ المَسألةَ المَذكورةَ قَولُكَ: يأيُّها الرَّجلُ فقد أُجرِيَ الموصوفُ والصّفةُ مُجرى شَيءٍ واحدٍ (٣). "ذا" في الوَجه الثّاني بِمَنزِلَةِ البَدَلِ عمَّا نُوِيَ في "ما" من المُضافِ إليه، وفيه تَأكيدٌ وبَيَانٌ إنَّ "ما" لَيست بالنّافِية، وعن ابن الأنباريّ (٤): إِنَّما جازَ أنَّ يُجعَلَ ما مع ذا اسمًا واحدًا في ماذا، ولم يجز أن يُجعل مَن مع ذا اسمًا واحدًا، لأنَّ (ما) اسمٌ عامٌّ، وذا كذلك، فيَقَعانِ على الأسماءِ كلّها، فلمَّا اتّفقا (٥) من جهةِ العمومِ ضُمَّ أحدُهما إلى الآخرِ، فأمّا (مَنْ) فاسمٌ خاصٌ لما يَعقِلُ، وذا عامٌّ فلم يَجُز أنَّ يُضَمَّ العامُّ إلى الخاصِّ لاختلافِ معناهما. لا يعني بالمرءِ مرءًا


(١) هو جرير انظر ديوانه: ١٦٧ وعجزه:
لا يستفقن عن الدّيرين تحنانا
وانظر: معاني القرآن للفراء: ١/ ١٣٩، وإيضاح الوقف والابتداء: ١/ ٣٢٨ وتفسير الطبري: ٤/ ٣٤٦ والتذييل والتكميل: ١/ ٢١٢. والمنتخب الأكمل في شرح الجمل للخفاف الأشبيلي: ٣/ ١٦٢.
(٢) البيت ينسب إلى المثقّب العبدي، ديوانه: ٢١٣ وانظر في هامش الصفحة إثبات صحة نسبته إليه، ومصادر تخريجه هناك. وانظر إيضاح الوقف والابتداء: ١/ ٣٢٨ والمنتخب الأكمل في شرح الجمل للخفاف الأشبيلي: ٣/ ١٦٢.
(٣) شرح الأندلسي: ٢/ ١١٥.
(٤) النص في كتابه إيضاح الوقف والابتداء: ١/ ٣٢٩.
(٥) شرح الأندلسي: ٢/ ١١٦ نقل النّص كاملًا إلى آخر شرح المؤلف.
(٦) في (أ) يقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>