للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافِ حُكمها في ذلك، في أنَّها حَرفٌ مُتَجَرِّدٌ للخِطَابِ، فليسَ لها مَوضعٌ من الإِعرابِ وفيه وَجهٌ آخرُ. قال الإِمامُ عبدُ القاهرِ الجُرجانيّ: وهو أن تُستعمل مَصدرًا صَحيحًا فيقالُ: رُوَيدكَ على أن تكون الكافُ ضَميرًا مِثلُها في قَولِك: ضَربُك زَيدًا تُريدُ ضَرَبَ زَيدٌ ضربًا، ثم تَحذِفُ (١) الفِعلَ وتُضِيفُ المَصدرَ إلى الفاعِلِ وأنتَ في هذا الوَجه تَقولُ: رُوَيدكَ نَفْسَكَ زيدًا ولا تقولُه في الوجهِ الأوّلِ (٢).

قالَ جارُ الله: "فصلٌ؛ هَلُمِّ مُرَكَّبةٌ من حَرفِ التَّنبيهِ مع "لُمَّ" محذوفةً منها ألفُها عندَ أصحابِنَا، وعند الكوفيّين من "هَلْ" مع "أُمَّ" محذوفةً همزتُها، والحجازِيُّون فيها على لفظِ واحدٍ في التّثنيةِ والجَمعِ والتّذكيرِ والتّأنيثِ، وبنو تَميمٍ يقولون هَلُمَّا وهلُموا واهلُمِّي وهَلمُمْنَ وهي على وَجهين: مُتَعَدِّيَةٌ كَهَاتِ، وغَيرُ مُتَعَدِّيةٍ بمعنى تَعالَ وأقبلْ، قالَ اللهُ تَعالَى (٣): {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} وقالَ (٤) {هَلُمَّ إِلَيْنَا} وحَكى الأصمعي: أنَّ الرَّجَلَ يقالُ له: هلمَّ فيقولُ لا أهلُمَّ".

قالَ المُشرِّحُ: في "حاشيةِ المُفَصِّلِ" (٥) تُرَكّبُ أسماءٌ من الكلماتِ كما تُركَّبُ من الحُروفِ فإنّه يُنسى فوائِدها عند التركيب. لا أهلَمَّ: بفتح الهَمزة والهاء وضَمِّ اللّامِ وتَشديدِ المِيمِ. الشَّيخُ (٦) كأنَّ لا ألُمَّ فزيدَت الهَاءُ بينَ


(١) في (أ) بخلاف.
(٢) قال الأندلسي في شرح المفصّل: ٢/ ١٢٢ وذهب بعض النحويين إلى أن هذه الكاف في موضع رفع، ومنهم من قال: هي في موضع نصب، أما الأول فباطل، لأن الكاف لو كانت فاعلة لما حلا حذفها، أيضًا فإن جميع هذه الأوامر لا يبرز فيها الفاعل نحو حذار زيدًا، والثاني أيضًا باطل، لأنّ أورد الذي هو الأصل لا يتعدى إلّا إلى واحد، ولو كان الكاف منصوبًا لكان قد تعدى إلى مفعولين.
(٣) سورة الأنعام: آية: ١٥٠.
(٤) سورة الأحزاب: آية: ١٨.
(٥) هذا النّص ساقط من نسخة ليدن من الحاشية.
(٦) النّص من حاشية المفصّل للزمخشري، ذكره الأندلسي في شرحه: ٢/ ١٢٣ منسوبًا إليه، وقد أخلت به نسخة ليدن من حاشية المفصّل لخرم وقع فيها بهذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>