للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَزعمون أكثرُ أرضِ اللهِ نَخلًا وشَجَرًا (١). وحُكِيَ أنَّ رَجُلًا وَقَفَ في الجاهِلِيّةِ على بَعيرٍ له بعُكاظ مثلَ الشّاه وهو يَقولُ (٢):

وَمن يُعطِنِي ستًّا وستّين بَكرةً … هِجانًا وأَدمًا أهْدِهِ لِوبَارِ

ثم ضَرَبَ بَعيرَهُ فَلَمَع به لَمعَ البرقِ قال الفرزدقُ (٣):

وَلَقَد ظَلَلتُ أباكَ تَدعُو دَارِمًا … كَظَلَالِ مُلتِمِسٍ طَرِيقَ وَبَارِ

جِئنا إلى بناءِ فَعَالِ: قالَ النّحويونَ: الأصلُ فيها الّتي بمعنى الأمرِ

وبناؤُها لِجَريِها مَجرى أمرِ المُخاطَبِ وسَدِّها مَسَدَّه، وأمَّا الّتي بِمعنى المَصدَر المَعرفةِ والمَعدولتان فَمُشَبَّهٌ بِفَعالِ الّتي هي بمعنى الأمرِ من حَيثُ الصُّورةُ، واجتِماعهما على وَزنِ، وهذا يَنتَقِضُ بنحو السَّحابِ والظَّلامِ والغَمَامِ، فإنّ، تِلك المُشابَهَةَ فيها قائِمةٌ وهيَ مُعَربةٌ (٤).


(١) هذه الحكاية التي أوردها المؤلف هنا عن ابن إسحاق لا أوافق على صحتها بل هي من توهمات القصاص والأخباريين. ولعلّ الصواب هو ما ذهب إليه أبو محمد الغندجاني المشهور بالأسود الأعرابي في كتابه: "فرحة الأديب" ٥٦، في الرد على ابن السيرافي الذي أثبت في شرح البيت ما رواه الخوارزمي هنا، بل إن الخوارزمي نقل عنه دون إشارة إليه. قال أبو محمد: والصواب أن وبار هي من ناحية الشحر، آخر رمال بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وذلك أن وبار بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح نزلها فسميت به، وقريبًا من تحديد أبي محمد حددها الجغرافيون في كتبهم منهم البكري في معجم ما استعجم: ٨٣٥، وياقوت في معجم البلدان: ٥/ ٣٦٥، والحميري في الروض المعطار: ٦٠٦ والزمخشري في الجبال والأمكنة: ٢٢٤. ويورد بعضهم ما قيل حولها من قصص وحكايات غير معقولة بلفظ: زعم بعضهم أو زعموا … ومن تحديدهم يتضح لنا أنها تقع في الجزء الغربي الجنوبي مما نسميه اليوم - (الربع الخالي) وهي منطقة رملية واسعة جدًا في الجزء الجنوبي الشرقي من المملكة العربية السعودية وهي منطقة موحشة لخلوها تقريبًا من السكان، ولعل هذا ما جعل الإِخباريين والقصاص ينسجون حولها الأخبار التي لا يمكن أن تصدق.
(٢) لم أعثر على قائل البيت، وهو في شرح الأندلسي: ٢/ ١٣٠، وعرائس المحصل: ٢/ ٩٠، وكلاهما عن التخمير، ويبدو أنه مصنوع مع هذه القصة.
(٣) ديوان الفرزدق:
(٤) نقل الأندلسي في شرحه: ٢/ ٣٠ شرح هذه الفقرة من قوله: قال النحويون ثم عقب عليه بقوله: قلت: لم يقل أحد أن العلة في بنائها هي المشابهة لها في الوزن فقط، بل مع الوزن =

<<  <  ج: ص:  >  >>