للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالوجَهُ: أنَّ التي بِمعنى المَصدرِ المَعرفةِ بُنيَت لتَضَمُّنِها مَعنى اللَّام، وأمَّا الّتي بِمَعنى الأمرِ فكذلِكَ لأنَّ مَعنى تَراكِ ودَراكِ التَّركُ، والدَّركُ، وهذا كما يُقامُ المَصدَرُ المعرّفُ باللَّامِ مقامَ الأمر فإن سألتَ: فَهَل سُمِع بِنَحوِ جَيادِ وحَلاقِ ونَزالِ مَصادرَ لأنَّ فَعالِ بمعنى الأمرِ، لو كانت هي في الأصل فَعالِ بمعنى المَصدرِ (١) المعرّف باللّامِ لجازَ أن يُقالَ: تَراكِها كما لا يُقال التَّراكِها.

أجبتُ: أمَّا الأولُ فلأنَّ هذه الأمثلةَ لا تَخلو من أن تكونَ في الأصل مَصادِرَ أو لا تكون. فلئن كانت فذاكَ، ولئن لم تَكن قلنا: الواضِعُ أقامَ هذا الوَزنَ مع إرادةِ الوَصفِ والأمرِ به مقامَ المَصدَرِ المُعرَّفِ باللّامِ تَسهِيلًا للأمرِ على طالبِ الإِعرابِ والبِناءِ في هذه الأمثلة. وأمَّا الثَّاني: فبَينَ المُعَرَّفِ باللّامِ وبَينَ ما هو في مَعنى المُعَرّفِ باللَّامِ (٢) تَلاقٍ (٣)، ألا تَرى أنَّ العَلمَ في مَعَنى المعرَّف باللامِ في أنَّه (٤) لا تَجوَزُ إضافتُهُ، وأمَّا المَعدولةُ فإنَّها


= أن يكون معرفة مؤنثة معدولة فالمشابهة بينهما من أربعة أوجه، الوزن واحد منها، وإذا كانت للعلة مجموع أربعة أمور فكيف يرد النقض على بعض العلة.
ثم نقل الأندلسي النص من قوله: والوجه ولم يلتزم بحرفيته، ونسب إلى الخوارزمي كلامًا لم أجده هنا فما أدري هل هو سقط في النسختين المعتمدتين هنا، أو نقله الأندلسي من شرح آخر للخوارزمي غير التخمير. وإليك نصه: والوجه أن التي بمعنى المصدر المعرفة بنيت لتضمنها معنى اللام، ولذلك قالوا: بأن فعال إذا سمي به الفعل لا تدخل عليه النّافية، ومن ثم قالوا في قوله تعالى: {لَا مِسَاسَ} بفتح الميم وكسر العين وكذلك في قول الكميت:
لا همام لي لا همام
أي لا أقول همام. هذا تفسير ابن جني وفي "المدخل الكبير" لا وجدت منهم المماسة. هنا ينتهي نصّ الخوارزمي على ما يفهم من كلام الأندلسي. ثم عقب عليه بكلام يطول ذكره قال بعد نهايته: قلت: قد اشتمل هذا البحث على جيد ورديء فليعتف هذا بهذا، وقد اجتهد والجواب عما قال سهل يسير ونقض القواعد المقررة من لدن أربع مائة سنة صعب عسير.
(١) في (أ).
(٢) في (ب).
(٣) في (أ) فرق.
(٤) في (أ) فإنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>