للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (١) فإن سألتَ كيفَ جازَ التَّعجُّبُ على اللهِ، والتَّعجّبُ استعظامٌ للشَّيءِ لخروجِهِ عن عادتِهِ من غَيرِ أن يُعرفَ سَبَبهُ والله عَلَّامُ الخَفِيَّات لا يَخفى عَليه شيءٌ؟ أجبتُ: المُرادُ بِه تَعَجُّبُ العِبادِ من الكافِرين، والمَعنى أنَّهم مُستَحِقُّون لأن يُتَعَجَّبَ منهم، والمُرادُ بالآية نِسبةُ أمرِهم وشأنِهم أنّهم لا يُفلِحُون.

أمَّا الأصواتُ المَفتوحةُ، فإنَّها تَحَرَّكتْ لأنّه ما أمكنَ على السُّكون بناؤها لِسُكونِ ما قبلَ أواخِرها، وبُنِيت على الفَتحِ طَلَبًا للخِفَّةِ، إذ الفَتحُ أخفُّ من الحَركتين الأخيرتين، ومن ثَمَّ قالوا: الفَتحةُ أُختُ السُّكون، وذلك نَحو جَوْث بفتح الجيم.

شرحُ البَيت: الضّميرُ في "دعاهُنَّ" لِلنِساءِ؛ "رَدْفي": فاعلُ دعا، يَقولُ لما دَعا تلكَ النِّساءِ رَدْ في اجتمَعنَ وَرَجعنَ عمّا كُنّ عَليه من الشُّغل كما لو دَعوتَ إلى الشُّرب الإِبلِ فالتَقَينَ وتَضامَمنَ للشُّربِ.

وأمّا الأصواتُ المَكسورةُ فلا تَخلو من أن تكونَ في معنى الأمرِ أولا تكونُ فلئن كانَ في معنى الأمرِ ثُم مَسَّت إلى تَحريكها الحاجةُ حُرّكت كالأوامرِ إلى الكَسرِ، ولئن لم يَكُن في معنى الأمرِ لا يخلو من أن يكون أوّلُ الكَلِمة مَكسورًا أو لا يكونُ، فلئن كان فَبِناؤُها على الكَسرِ أولى، وذلِكَ لِتَجاذُبِ آخرِ الكلمةِ أوَّلَها. فإن سَألتَ: فكيفَ لم يُحافِظوا على هذا


= وأمّا ابن نفيل: فهو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى، القرشي العدوي، ابن عم عمر بن الخطاب، لم يدرك الإِسلام، وكان يكره عبادة الأوثان، ويقاوم وأد البنات .. وعبد الله على دين إبراهيم عرفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- واجتمع به قبل البعثة ومات قبل البعثة بنحو من سبع عشرة سنة. أخباره في: الأغاني: ٣/ ١٥، والخزانة: ٣/ ٩٩ وانظر الأبيات التي منها الشاهد في فرحة الأديب: ٣٣، وخزانة الأدب: ٣/ ٩٥، وانظر الشاهد في معاني القرآن للفراء: ٢/ ٣١٢، وشرح ابن يعيش: ٤/ ٧٦، والأشموني: ٢/ ٤٨٦، والتذييل والتكميل: ٥/ ٢٤.
(١) سورة القصص: آية: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>