للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المُشَرِّحُ: سَألني (١) بعضُ العِراقِيَّةِ ما المرادُ بذلِكَ؟ المرادُ به تَعريفُ لُغةٍ أم تَعريفُ شَيءٍ آخَرَ؟ إن كان المُرادُ به تَعريفَ شيءٍ آخرَ فما هو؟ وإن كان المُرادُ به ذلكَ فالمُفصَّل لَيس لِتَعريفِ اللَّغاتِ.

فَقُلتُ: المرادُ به تَعريفُ شيءٍ آخر، وذلك أنَّ "بَجَل" وإن وُجِد فيه مَعنى الغايةِ لكونِه إضافيًّا قد اقتُضِبَ عنه المُضافُ إليه ونُوِيَ فيه، إلَّا أنَّه لا يُسمَّى غايةً، لأنّه غَيرُ مَضمومٍ، ومن شأنِ الغايَةِ أن يكونَ فيه ذلكَ وبُنِيَ على السُّكونِ لأنَّ الأصلَ في البناءِ هو السُّكونُ. فإن سَألتَ: فكيفَ لم تُبنَ على السُّكونِ الغاياتُ؟ أجبتُ: لِمَا ذَكرناهُ من أنَّ الغَاياتِ تَقَعُ في ذَيلِ الكلامِ فَبناؤُها على السُّكون يُوهِمُ الوَقفَ، بِخلافِ بَجَلْ فإنَّه لا يَقَعُ في الذَّيلِ. فإن سَألتَ: ما الدَّليلُ على أنّ "بَجَل" لا يَقَعُ في ذَيلِ الكَلامِ؟. أجبتُ: لأنَّه وإن كانَ يَقَعُ خَبَرًا إلَّا أنَّ المُبتدأ يَقَعُ مُنَوّنًا فلا يَكن في ذَيلِ الكَلامِ واعتبِرهُ (٢) [بقولِهِ:] (٣)

بَجَلِي الآنَ من العَيشِ بَجَل (٤)

أن معناه "حَسبي من العَيش. ذلك ألا تَرَى أنَّ "بَجَلي" في محلِّ الرَّفعِ بالابتداءِ، والخَبرُ محذوفٌ وسناه "حَسبي ذلِكَ"، وكذلِكَ قَولُهُ (٥):


(١) نقل الأندلسي في شرحه: ٢/ ١٤٣ شرح هذه الفقرة، ونسب لصدر الأفاضل ما سأله عنه العراقي. وقد ردّ ابن المستوفي في إثبات المحصل: ٧٤، ٧٥ على الأندلسي وأورد ما قاله صدر الأفاضل الخوارزمي نقلًا حرفيًا أمينًا قال في نهايته: هذا نصّ كلامه. وأخلّ المغربي بمعنى ما أراده الخوارزمي وحكى عنه ما سأله عنه غيره، وأوضح أن السّائل العراقي الذي كتب إلى الخوارزمي موصلّي إلّا أنّه لم يذكر اسمه.
(٢) في (ب).
(٣) زيادة في إثبات المحصّل للإِمام المبارك بن أحمد بن المستوفي الأربلي الذي نقل نصّ كلام الخوارزمي.
(٤) البيت للبيد بن ربيعة العامري -رضي الله عنه- ديوانه: ١٩٧، واللسان: ١١/ ٤٥ (بجل).
(٥) ينسب هذا البيت لعمرو بن يثربي، وللأعرج المعني، وللحارث الضّبي، مع أبيات قالها الشاعر يوم وقعة الجمل، والظاهر أنها للأعرج المعني الطائي لأنه يقول في أولها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>