للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَال المُشرِّحُ: إذا كانَ جوابُ بَينا وبَينَما بدون إذا فالكَلامُ لا يَقَعُ مُخالفًا لأصلٍ مَا، أمَّا إذا كانَ معهُ فإنَّه يَقَعُ مُخالفًا للأصلِ بَيَانُهُ أنه إذا كانَ بِدون إذا فانتصابُ بَينا على الظَّرفِ والعامِلُ فيه الفِعلُ المَذكورُ في جَوابِ بَينا كما في البيتِ والمَعنى أتانا أوقاتَ رِقبَتِنا، وهذا مما لَيس فيه مُخالَفَةُ أصلٍ، أمَّا لَو قُلتَ: إذا أتانا فإنه يَنقلِبُ فيه الظّرفُ اللّازِمُ مرتَفعًا لأنَّه يكونُ المَعنى حِينئدٍ بينَ أوقاتِ رؤيَتِنا إيّاهُ وقتَ إتيانِهِ، وهذا مُخالفٌ للأصلِ. الرِّوايةُ وزِنادَ راعي -بالنَّصب- وسيبويهِ إنَّما أنشدَ البيتَ في الكِتابِ بِنَصبِ "زنادَ" ونَصبَه لأنَّه (١) لمَّا قالَ: أتانا مُعَلِّقُ وَفضَةٍ فكأنَّه قال: أتانَا معلقًا وَفضةً وزنادَ راعي. الوَفضَةُ: جُعبَةُ (٢) السِّهام وفي البَيتِ يُريدُ شيئًا يُجعَلُ مِثل الخَرِيطَةِ والجُعبَةِ تكونُ مَع الفُقراءِ والرُّعاة يَجعلون فيها أزوادَهُم (٣). وزَعموا أنَّ أهلَ الصُّفَّةِ كان مَعَهُم وِفَاضٌ، وأمَر رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أن تُجعَلَ الصَّدقةُ في الأوفاضِ (٤).

قالَ جارُ الله: "ويُجابُ الشَّرطُ بإذ كما يُجابُ بالفَاءِ، قالَ اللهُ تَعالى (٥): {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} ".

قالَ المُشرّحُ: فاجَأهُمْ قُنُوطُهُم.

قالَ جارُ الله: "ومنها لَدَى" والَّذي يَفصلُ بَينها وبَينَ "عِندَ" أنَّك تَقولُ: عِندي كَذا لِمَا كانَ في مِلكِكَ حَضَرَكَ أو غَاب عَنكَ، وَلَدَيَّ كَذا لِما لا يَتَجاوزُ حَضرَتَكَ، وفيها ثَمان لُغاتٍ، "لَدى" و "لَدَنْ" و "لدُنْ" و"لُد" بحذفِ نُونها "لَدْن" و"لُدْنِ" بالكَسرِ لالتقاءِ السَّاكِنين و"لَدْ" "ولُدْ" بحذف نونيهما


(١) هذا تعليل ابن السيرافي في شرح أبيات الكتاب: ١/ ٤٠٦.
(٢) وهذا شرح ابن السّيرافي أيضًا حرفًا حرفًا .. إلى آخر الشرح.
(٣) في (ب) أزوادهم فيه.
(٤) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد: ١/ ١٢٤، والفائق: ٣/ ١٥٧ وانظر الحديث في مسند الإمام أحمد: ٦/ ٣٩١.
(٥) سورة الرّوم: آية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>