للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّشبيهِ، وأيّ في الأصل للعَدَدِ والاستفهامِ. إذا قُلتَ: أيُّ القَوم أتاكَ فقد دَلَلتَ على جَماعةٍ تَسأل عن واحدها بأي، وإنّما نَقَلَها من الاستِفهامِ إلى الخَبَرِ على مَعنى التَّكثيرِ، كما نُقِلَت "كَمْ" ولزمتها كافُ التَّشبيه، كما لًزِمت كَذا وكَذا. وهذا أصلها، ثُمَّ أُكثِرَ استعمالُ الكَلِمَة فصارت كَلِمةً واحدةً فقلب قلب الكلمة الواحدة، كما فُعل ذلِكَ في قَولهِم: لَعمري، ورَعملي (١)، فَصارت كياين فحذفَت الياءُ الثَّانية كما حُذفت في كَينونَة (٢) فصارت بعد الحَذفِ كيان (٣)، ثم أُبدِلت مِنَ الياءِ الأُولى الألفُ كما أُبدلت في طَائيٍّ فصارت كأيّ، بوزن كاعِن (٤)، أمَّا كئي بوزن كَعي فهو على تَخفيف اليَاءِ وإسكان الهمزةِ كما في بيتِ الفَرزدق (٥):

تَنَظّرتُ نَصرا والسِّماكين أيْهُما … عليَّ من الغَيثِ استَهَلَّت مَواطِرُه

وأما كَإِ بوزن كَعِ فهو تَخفيفُ كأيّ.

قال جارُ الله: "فصلٌ؛ وكيتَ وذيتَ مخفَّفتان من كيَّة وذيَّة، وكثير من العَربِ يَستعملونَهما على الأصلِ، ولا يُستَعملان إلَّا مُكَرَّرَتين، وَقَد جاءَ فِيهما الفَتحُ والكَسرُ والضَمُّ".

قالَ المُشَرِّحُ: أمّا بناؤُهما فلأنَّهما كنايَتان عن الجُملة وكأنّهما يَسُدَّانِ مَسَدَّ الجُملةِ، والجُملةُ (٦) من حَيثُ هي جُملةٌ غيرُ مُعرَبَةٍ، ولأنَّ الكناياتِ جاريةٌ مَجرى لامِ التَّعريفِ، وأمَّا بناؤُهما على الحَرَكَةِ فِلِسُكونِ ما قبلَ أواخرِهما، والحركَتُ فيهما لُغاتٌ.


(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ) في بينونه.
(٣) في (ب).
(٤) في (أ) كاي.
(٥) ديوانه: ٣٤٧، والمحتسب: ١/ ٤١، ١٠٨، ونصر: هو نصر بن سيّار.
(٦) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>