للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَةُ الجَمعِ مقدَّمٌ على المُفرَدِ الَّذي هو صِفَةُ الجَمعِ، وهذا لأنَّ قَضِيَّةَ الطَبعِ [أن يكونَ صِفَةُ الجَمعِ جمعًا، وأمَّا أن يكون صفَةُ الجَمعِ مُفردًا فلا. وما يقتضِيهِ الطَّبعُ] (١) ويَبْتَدِرُ إليهِ مقدَّمٌ على ما لا يَقْتَضِيهِ؟ أَجبتُ: المُفرَدُ (٢) كما هو ها هُنا مقدَّمٌ على الجَمعِ وَضعًا، فَمُقَدَّمٌ عليه طَبعًا، وذلِكَ أنَّ صِفَةَ الجَمْعِ متى كانَتْ جَمْعًا اقتَضَتْ انقسامَ الأفرادِ على الأفرادِ، ألا ترى أنَّك إذا قُلتَ الرِّجالُ قائِمُونَ فكلُّ واحدٍ منهم قائِمٌ، وكذلِكَ (٣) إذا قُلت النِّساءُ قائِماتٌ فكلُّ واحدةٍ منهُنَّ قائِمةٌ، والجَمعُ ها هنا مُؤَنَّث ومفاريدُهُ مُذَكَّرَةٌ، فلا تَنقَسِمُ عليه الصِّفَةُ، فلَزِم أن تكونَ الصِّفَةُ مُؤَنَّثةً مُفرَدَةً. فإن سألتَ: فما تَقُولُ في نحوِ قولِكَ (٤) دُورٌ مُهَدّمَةٌ؟ أجبتُ: جَمعُ التَّكسيرِ إذا وُصِفَ لا يخلو من أن يكون أفرادُهُ مذكَّرةَّ أو لا يكونَ، فلئن كانت أفرادُه مذكرة فالأحسنُ فيه الإِفرادُ، كقولِكَ سُيوفٌ باتِرَةٌ، وإن لم يَكن أفراده مُذكَّرةً فسِيَّان فيه الأمران نحو دُورٌ مُنهَدِمَةٌ ومُنهَدِماتٌ.

تَخمير: إنّما نُزّلَ (٥) جمعُ التَّكسيرِ تَنزيلَ المُفرَدِ لأنَّه يُجمَعُ جَمعَ سَلامَة المُؤنَّثِ وذلِكَ نحو أُعطِيَةٌ وأُعطِياتٌ، وبُيُوتٌ وبُيُوتاتٌ، وجَمعُ غيرِ المُؤَنَّثِ مما لَيس فيه عَلامةُ تَذكيرٍ ولا تأنيثٍ على صِنفَين: جَمعِ تذكيرٍ وجمعِ تأنيثٍ فجمعُ التَّذكير منه إذا أُسند إلى ضَمِيرِهِ فعلٌ فأصلُه أن يكونَ بالواوِ ويجوزُ فيه التَّاء اعتبارًا للوَصفِ، حيثُ يقولُ: رِجالٌ مُكَرمون ومُكَرَمةٌ فَهُم ذُكور عُقلاء ومُؤنّث مُفرد لكنّ كَونهم ذكورًا عُقَلَاء مقدّمٌ في المَعرِفَةِ على كَونِهِ مؤنَّثًا مُفرَدًا وجمعُ التَّأنيثِ حكمُهُ حكمُ ما فيهِ التَّاء، فالّذي فيه علامةُ تَذكيرٍ فالفعلُ إذا أُسند إلى ضَمِيرِهِ فبالواوِ ولَئلَّا يُضافَ إلى اسمٍ عَلَامَتَيْ


(١) في (ب).
(٢) في (أ) المفرد ها هنا كما هو.
(٣) في (ب).
(٤) في (أ).
(٥) نقل الأندلسي في شرحه: ٣/ ٢١ شرح هذه الفقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>