أمَّا الخوارزمي فهو -وإن لم يَسلم من ذلك- أَكثر دقَّةً من الأندلسي في عَزوِ النُّصوص والمحافَظَةِ على سلامتها ونقلها على الوجه الصحيح. وقد تحدثت في مصادر كتاب "التَّخمير" ما يغني عن الإِعادة هنا.
ومن وجوه الاتفاق بينهما أنَّ كُلًّا منهما إذا خرج عن الموضوع عقد له مبحثًا خاصًا فالخوارزمي يعقد هذا المبحث تحت عنوان "تَخمِير" والأندلسي يعقد له مبحثًا تحت عنوان "مسألة" ولو أفردت المسائل التي ذكرها الأندلسي في شرحه لجاءت في مجلد ضخم.
وأريد أن أذكر نصين من كِلا الشَّرحين ليتضح الفرق بينهما ولتظهر سمات كلّ شرح منهما واضحة جلية، وإنّما اخترت هذا النَّصّ من شرح الأندلسي لأنَّه يتحقق فيه أغلب ما أشرت اليه من وجوه الفَرق بين الشرحين.
قال الخوارزمي في شرحه: ٢ ورقة: ١٢٥: "قال جار الله فصل "ورُبَّ للتَّقليلِ، ومن خَصائِصِها ألَّا تَدخلَ إلَّا على نَكِرَةٍ ظاهرةٍ أو مُضمَرَةٍ".
قالَ المُشَرّحُ: إنَّما تَدخلُ على النَّكرة لما ذَكر أبو العبّاس في رُبَّ، فلذلِكَ لا تَقَعُ إلَّا على نكرةٍ، لأَنَّ ما بعدها يَخرُجُ مخرج التَّمييز. ابنُ السَرّاجِ: النَّحويون كالمُجتَمعين على أنَّ "رُبَّ" جوابٌ لِما فَعَلت؟ تقولُ؛ رُبَّ رجلٍ عالمٍ لمن قالَ لَكَ ما رَأيتُ رَجُلًا عالِمًا، أو قدّرت أنه يقولُهُ، فيقالُ: رُبَّ رَجُلٍ عالمٍ تريدُ رُبَّ رَجُلٍ عالمٍ قد رَأيتُ. وضارَعَتْ أيضًا حرفَ النَّفي، إذا كان حرفُ النَّفيِ يَلِيهِ الواحِدُ المَنكُورُ، وهو يريدُ الجَمَاعَة".
وما قالَه الخوارزمي هنا ذكره أبو العبَّاس المُبَرّدُ في المقتضب: ٤/ ٢٨٩.
والنَصُّ الذي نقله عن ابنِ السّراجِ موجودٌ في الأُصول: ١/ ٥٠٨ ولم يحذف منه شيء. وقال الأندلَسي في شرح هذا الموضع من شَرحِهِ: ٤/ ١٦٨، ١٦٩: فصل: "ورُبَّ للتَّقليلِ".
قلتُ: اتفقَ البَصريون على أنَّ "رُبَّ" حرفٌ. وذهب الكوفيون إلى