للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتخصيص الحديث بما قاله الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُجِدَ في وقت مبكر أي في حياته - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -.

يَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَأَجَابَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ. لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ» (١) ثم اتسع استعمال الحديث بعد وفاة الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأصبح يشمل مع القول فعله وتقريره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وللحديث أقسام كثيرة باعتبارات مختلفة ليس هنا موضع بحثها.

أما السُنَّةُ فلها استعمالات كثير في اللغة، فتستعمل بمعنى الطريقة، والطبيعة والسيرة: حسنة كانت أو قبيحة.

«فَسُنَّةُ كُلِّ أَحَدٍ مَا [عُهِدَتْ] مِنْهُ المُحَافَظَةُ عَلَيْهِ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الحَمِيدَةِ أَوْ غَيْرِهَا» (٢). وإذا أضيفت إلى لفظ الجلالة، فقيل: (سُنَّةُ اللَّهِ) فمعناها أحكامه وأمره ونهيه أو قوانينه الطبيعية والإنسانية.

والسنة في الشرع لها عدة إطلاقات (٣)، يجمعها أنها الطريقة المرضية المسلوكة في الدين. ومن أشهر هذه الإطلاقات:

١ - أنها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد الكتاب العزيز، وعرفها بعض العلماء حينئذٍ بأنها «مَا صَدَرَ عَنِ الرَّسُولِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ بِمَتْلُوٍّ، وَلَا هُوَ مُعْجِزٌ وَلَا دَاخِلٌ فِي الْمُعْجِزِ ... وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالُ النَّبِيِّ


(١) " البخاري بحاشية السندي ": ٤/ ١٢٦.
(٢) " الإحكام " للآمدي: ١/ ٢٤١.
(٣) انظر هذه الإطلاقات في " كشاف اصطلاحات الفنون ": ١/ ٧٠٣ وما بعدها؛ و" الموافقات ": ٣/ ٢، ٣.

<<  <   >  >>