للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذهب أبي حنيفة مبني على قراءة ما تيسر من القرآن في الصلوات كلها والروايات التي تخصص سورة معينة لا تفيد الالتزام بها ووجوب قراءتها بدليل ما رواه الطحاوي عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (١) وَ (المُعَوَّذَتَيْنِ)».

أما ادعاء أن أبا حنيفة كان يكره تخصيص سورة في الوتر، فليس على إطلاقه، بل يكره الاقتصار على سورة ما في الصلاة، إذا حمل العامة على اعتقاد أن هذه السورة بخصوصها واجب.

٢١ - صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَالوَتْرُ وَاحِدَةٌ»، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ: «[كَانَ رَسُولُ اللهِ]- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ فِي [كُلِّ] رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ»، وبعد أن روى الآثار في ذلك عن بعض التابعين، قَالَ:

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " إِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا , وَإِنْ شِئْتَ سِتًّا , لاَ تَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ "».

استند أبو حنيفة في ذلك إلى ما رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعَ [رَكَعَاتٍ]، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا، ...» (٢)، كما استند إلى أحاديث أخرى تؤيد رأيه (٣).

وحيث استند إلى حديث صحيح فلا مجال لوصفه بمخالفة الآثار، بل هو في هذه المسألة يأخذ بكل ما روي فيها الحديث.

٢٢ - قَضَاءُ سُنَّةِ الفَجْرِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ:

وَبِسَنَدِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: «أَصَلاَةُ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ


(١) " معاني الآثار ": ١/ ١٦٨.
(٢) " البخاري ": ١/ ١٣١.
(٣) انظر " معاني الآثار ": ١/ ١٩٧، ١٩٩؛ و" فتح القدير ": ١/ ٣١٨، ٣٢١.

<<  <   >  >>