للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء والإمام يخطب فعليه أن يصلي ركعتين خفيفتين. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، وَالقَوْلُ الأَوَّلُ أَصَحُّ» (١).

وَبِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ، وَذَكَرَ ابْنُ العَرَبِيِّ أَنَّهُ رَأْيُ الجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ (٢).

ونسجل هنا ملاحظتين:

- أولاهما: أن أبا حنيفة يطبق مبدأه في الإطراد والعموم، فهو يأخذ بحديث صحيح ثم يجعله قاعدة مطردة، ويؤول ما خالفه، على حين أن المحدثين يحاولون الأخذ بكل ما يروى، فيجمعون بينها باسثناء بعضها من بعض، أي بتخصيصها، وقد سبق لذلك كثير من الأمثلة.

- الثانية: أن الحديث الذي استدل به أبو حنيفة، لا يؤيده في منع الخطيب من الكلام أثناء الخطبة، لأن النهي عن الكلام متوجه إلى المستمعين، لئلا يتشاغلوا عن الخطبة، وليس فيه نهي عن أن يبدي الخطيب ملاحظة أو يصحح وضعًا. ومحاولة الطحاوي قياس الخطبة على الصلاة محاولة غير مقنعة (٣).

٢٨ - القِرَاءَةُ فِي الجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ [بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}]. وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ


(١) انظر " البخاري ": ١/ ١٠٩؛ و" الترمذي ": ٢/ ٢٩٨، ٣٠٠؛ و" النسائي ": ٣/ ١٠٣، ١٠٤؛ و" أبا داود ": ١/ ٣٩٨، ٣٩٩؛ و" ابن ماجه ": ١/ ٣٥٢، ٣٥٤.
(٢) انظر " بداية المجتهد ": ١/ ١٢٨؛ و" ابن العربي على الترمذي ": ٢/ ٢٩٩، ٣٠٢.
(٣) انظر " معاني الآثار ": ١/ ٢١٤، ٢١٧.

<<  <   >  >>