للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاصل أن الآثار في هذه المسألة ضعيفة لا يلزم بها أبو حنيفة ولا يلام على مخالفتها، ومعه فيها غيره من الأئمة.

١٢ - كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ عَمَّارَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " [ضَرْبَتَيْنِ] لَا تُجْزِئُهُ ضَرْبَةٌ "».

ذهب معظم المحدثين وأهل الظاهر إلى أن المتيمم يضرب الأرض بكفيه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه: ذهب إلى ذلك البخاري والترمذي وأحمد وإسحاق (١)، وروى أبو داود والنسائي الآثار المختلفة في ذلك على أنها كيفيات للتيمم، ويختار الإنسان منها ما يشاء (٢).

وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن التيمم ضربتان، ضربة لمسح الوجه وأخرى لمسح اليدين إلى المرفقين، ومن هؤلاء الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي، وهو قول أبي حنيفة.

وإنما ذهب الأئمة الثلاثة إلى خلاف ما ذهب إليه أهل الحديث، لضعف في بعض الآثار، واضطراب في بعضها الآخر، حتى ليقول ابن العربي عن حديث عمار في التيمم: «إِسْنَادُهُ مِنَ العَجَبِ فِي العِلْمِ، وَالغَرِيبُ اِتِّفَاقَ أَئِمَّةِ الصَّحِيحِ عَلَى حَديثِ عَمَّارِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الاِضْطِرابِ وَالاِخْتِلاَفِ وَالزِّيادَةِ وَالنُّقْصَانِ» (٣).

• • •

وبذلك يتضح أن اختلاف الحديث، واختلاف الترجيح هو سبب الخلاف في هذه المسألة، ومع أبي حنيفة فيها مالك والشافعي وغيرهما.

وهكذا تنتهي المسائل المتعلقة بالطهارة، من جملة ما انتقده أبو بكر على أبي حنيفة، ولنشرع الآن في المسائل المتعلقة بأبواب الصلاة:


(١) " البخاري " في موضعين: ١/ ٤٧، ٤٨؛ و" الترمذي ": ٢/ ٢٣٩، ٢٤٢.
(٢) " أبو داود ": ١/ ١٣٣، ١٣٧؛ و" النسائي ": ١/ ١٦٨، ١٧٠.
(٣) " ابن العربي على الترمذي ": ١/ ١٣٩؛ وانظر " بداية المجتهد ": ١/ ٥٣، ٥٥.

<<  <   >  >>