للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويميل النسائي إلى الجمع بين المسح على الناصية، والعمامة (١).

ويذكر ابن رشد أن بعض العلماء قد رد حديث المسح على العمامة: إما لأنه لم يصح عنده، وإما لأن ظاهر الكتاب عارضه، حيث فيه الأمر بمسح الرأس، وإما لأنه لم يشتهر العمل به (٢).

وعلى كل فقد قال بقول أبي حنيفة كثير من أعلام المجتهدين كمالك والشافعي وغيرهما ممن سبق ذكرهم.

١١ - المَسْحُ عَلَى الجَوْرِبَيْنِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» (*)، كما روى عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَكْرَهُ المَسْحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُمَا جُلُودٌ».

هذا النقل عن أبي حنيفة صحيح، أما أبو يوسف ومحمد فقد أجازا المسح على الجوربين إذا [كانا] ثخينين لا يشفان، ويروى أن أبا حنيفة قد رجع إلى قولهما، وعليه الفتوى (٣).

ولم ينفرد أبو حنيفة بمنع المسح على الجوربين، بل منع منه أيضًا مالك والشافعي خلافًا لمعظم المحدثين، وسبب الاختلاف هو الاختلاف في صحة الآثار المروية في ذلك، فالبخاري ومسلم لم يرويا حديث المغيرة السابق، ورواه الترمذي وقال عنه: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» (٤)، ولكن أبا داود والنسائي قد ضعفا هذا الحديث (٥).


(١) " النسائي ": ١/ ٧٥، ٧٧.
(٢) انظر " بداية المجتهد ": ١/ ١٠؛ و" العناية شرح الهداية ": ١/ ١٠٩.
(٣) " الهداية " و" فتح القدير ": ١/ ١٠٨، ١٠٩.
(٤) " الترمذي ":١/ ١٤٨، وانظر تفصيل ابن العربي للآراء في ص ١٤٩.
(٥) انظر " أبا داود ": ١/ ٧٧؛ و" النسائي ": ١/ ٨٣؛ وانظر " الأم ": ١/ ٢٩ المطبعة الأميرية ١٣٣١ هـ؛ و" بداية المجتهد ": ١/ ١٥.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) انظر " المصنف " لابن أبي شيبة، تحقيق الشيخ محمد عوامة، حديث رقم ٣٧٥٠٦، (٣٨) كتاب الرد على أبي حنيفة (٦٠) المسح على الجوربين، ٢٠/ ١٦٤، الطبعة الأولى: ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م، دار القبلة للثقافة الإسلامية. جدة - المملكة العربية السعودية ومؤسسة علوم القرآن. دمشق - سوريا.

<<  <   >  >>