للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ»، وعن جابر مثل ذلك، وكذلك عن أنس، وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ:" لَا [يُجْزِئُهُ] أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ "».

اتفق العلماء على أن الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة سُنَّةٌ، وكذلك الجمع سُنَّةٌ بين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة. واختلفوا في الجمع في غير هذين المكانين: فذهب الجمهور ومنهم أهل الحديث (١)، إلى جواز الجمع في السفر، ومنعه أبو حنيفة مطلقًا.

وسبب الاختلاف أن الآثار المروية في الجمع كلها حكاية أفعال، وليست أقوالاً، والأفعال يتطرق إليها الاحتمال أكثر من تطرقه إلى الألفاظ ولهذا حمل أبو حنيفة الجمع في هذه الأحاديث على ما حمله عليه جابر بن زيد وعمرو بن دينار، حيث فسر الجمع بأنه تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها، ثم يصلي العصر في أول وقتها، وهكذا المغرب والعشاء، وقد تأيد ذلك بما روي عن ابن مسعود: «وَالذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا صَلَّى رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلاَةً قَطُّ إِلاَّ فِي وَقْتِهَا، إِلاَّ صَلاَتَيْنِ: بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِعَرَفَةَ، وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ». مع العلم بأن ابن مسعود ممن روي عنه حديث الجمع في السفر، وهو يدل على أن الجمع عنده، هو ما فهمه جابر بن زيد وأبو حنيفة الذي رجح حديث ابن مسعود، لفقهه، أو لأنه أحوط (٢).

١١ - وَقْتُ العِشَاءِ:

وَبِسَنَدِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِمَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ


(١) انظر " البخاري ": ١/ ١٢٧؛ و" مسلم بشرح النووي ": ٥/ ٢١٢، ٢١٨؛ و" الترمذي ": ٣/ ٢٦؛ و" النسائي ": ٢/ ٢٨٤، ٢٩٢؛ و" أبا داود ": ٢/ ٦، ١١؛ و" ابن ماجه ": ١/ ٣٤٠.
(٢) انظر " شرح معاني الآثار ": ١/ ٥٩، ٩٩؛ و" فتح القدير ": ١/ ٤٠٧؛ و" بداية المجتهد ": ١/ ١٣٤، ١٣٥.

<<  <   >  >>