للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ح] الإجماع لا يكون إلا مستندًا إلى نص وسيأتي تفصيل الكلام فيه.

[ط] لا يحل القول بالرأي وما يتفرع إليه من قياس أو استحسان أو مصلحة أو ذريعة، لأن كل أولئك لا نصوص فيها توجب العمل بها.

ونكتفي بهذه اللمحة عن منهج الظاهرية في أخذهم بالنصوص، ووقوفهم عند ألفاظها، لننتقل إلى الأصل الثاني بعد نصوص القرآن والسنة، وهو الإجماع، لنبين مفهومه عندهم، ثم نجمل بعده موقفهم من الرأي.

مَفْهُومُ الإِجْمَاعِ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ:

ومذهب الظاهرية في الإجماع مرتبط بمذهبهم في قصر الحجة على النصوص. كما أنه متأثر إلى حد كبير بمذهب الشافعي وأحمد بن حنبل فيه، وبالجملة التي شنها عليهم خصومهم. واتهموهم فيها بمخالفة الإجماع في المسائل التي شذوا فيها.

وكون الإجماع حجة هو موضع اتفاق بين الظاهرية وغيرهم (١)، وإنما الخلاف في ماهية هذا الإجماع.

وقد حكى ابن حزم فيه ما يقرب من سبعة عشر قولاً (٢)، والذي يهمنا هو ما حكاه من تصور داود الظاهري وكثير من أصحابه للإجماع، فقد قالوا: إنه لا إجماع إلا إجماع الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، لأنهم شهدوا التوقيف من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد صح أنه لا إجماع إلا عن توقيف، ولأنهم كانوا جميع المؤمنين، لا مؤمن من الناس سواهم، فإجماعهم حينئذٍ هو الإجماع المقطوع به، أما كل عصر بعدهم، فإنما هم بعض


(١) انظر " الإحكام ": ٤/ ١٢٨، ١٣١. وقد ذهب الشيعة والخوارج والنَظَّامُ من المعتزلة إلى أن الإجماع ليس حجة. (" أصول التشريع "، للأستاذ علي حسب الله).
(٢) انظر " الإحكام ": ٣/ ١٤٣، ١٤٦.

<<  <   >  >>