للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن أبي شيبة، وقد خرجه وذكر الأقوال فيه، الكمال بن الهُمام (١).

أما الطحاوي فإنه يذكر عن أبي حنيفة روايتين في هذه المسألة: أولاهما رواية أبو يوسف عنه، ولم يحك فيها خلافًا، والثانية: رواية غير أبي يوسف وفيها يذكر خلاف أبي حنيفة وأنه قال: «لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الغَدِ»، واحتج له بأن الحديث يقول: «وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عِيدِهِمْ مِنَ الغَدِ». ليس نَصًّا في إرادة صلاة العيد من الغد. بل يجوز أنه أمرهم بذلك ليجتمعوا، أو ليرى كثرتهم فيتناهى ذلك إلى عدوهم فتعظم أمورهم عنده، بدليل أنه كان يؤمر بحضور من لا يصلي في يوم العيد من الحُيَّضِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ (٢).

ويلاحظ أن مالكًا، والشافعي، وأبا ثور رأوا رأي أبي حنيفة في هذه المسألة (٣).

٣٠ - الجِلْسَتَانِ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ:

رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ».

وَعَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ».

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ جِلْسَتَيْنِ».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَجْلِسُ إِلاَّ جِلْسَةً وَاحِدَةً "».

نسبة هذا القول إلى أبي حنيفة خطأ، فالجلستان والخطبتان موضع اتفاق بين الأئمة. والمراد بالجلستين: الجلسة التي يجلسها الخطيب عند صعود المنبر، وهي سُنَّةٌ بِالاِتِّفَاقِ، والجلسة الفاصلة بين الخطبتين، وهي سنة كذلك، وذهب الشافعي إلى أنها واجبة.


(١) " فتح القدير ": ١/ ٤٢٥.
(٢) " معاني الآثار ": ١/ ٦ - ٢٣٧٢٢.
(٣) " بداية المجتهد ": ١/ ١٧٧.

<<  <   >  >>