للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك أثر عن أبي هريرة وجوب غسل الإناء من سؤر الهر مرة، كما أثر ذلك أيضًا عن سعيد بن المسيب، والحسن البصري وطاووس، وعطاء، وبه قال أهل الظاهر، إلا أن طاووسًا وعطاء جعلاه بمنزلة ما ولغ فيه الكلب (١).

وبذلك يتبين أن اختلاف الأحاديث هو سبب الخلاف في هذه المسألة وأن أبا حنيفة قد وفق بين الأحاديث، فأخذ من حديث أبي قتادة أن سؤر الهر غير نجس، ومن حديث أبي هريرة أنه مكروه.

٨ - وُلُوغُ الكَلْبِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، [عَنِ] النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ». وفي رواية: «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " يُجْزِئُهُ أَنْ يَغْسِلَ مَرَّةً "».

قد ذهب أصحاب الحديث جميعًا إلى هذا الحديث، وَرَوَوْهُ في صحاحهم وسننهم، وعدوه من المآخذ الهامة على أبي حنيفة.

ولم يأخذ أبو حنيفة بهذا الحديث لأنه قد طرأ عليه ما يضعفه أو يرجح نسخه، وهو عمل الراوي وفتواه بخلاف ما رواه، حيث كان أبو هريرة إذا ولغ الكلب في الإناء يهرقه ثم يغسله ثلاث مرات. وذلك دليل على نسخ الغسل سبعًا، الذي كان يناسب التشديد في الكلاب في أول الأمر حتى أمروا بقتلها، ومن المستحيل أن يترك أبو هريرة العمل بحديث سمعه


(١) انظر " فتح القدير ": ١/ ٧٧؛ و" شرح معاني الآثار ": ١/ ١١، ١٧؛ و" المحلى ": ١/ ١١٨؛ و" الترمذي بشرح ابن العربي ": ١/ ١٣٧؛ و" النسائي ": ١/ ٥٥؛ و" أبا داود ": ١/ ٥٢؛ و" ابن ماجه ": ١/ ١٣١.

<<  <   >  >>