للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنه ذكر في العقد ٢٠ ألفًا، ليقلل رغبة الشفيع في الشراء، نظرًا لارتفاع الثمن وفي الوقت نفسه يتفق البائع مع المشتري على أن يدفع المشتري ٩٩٩ درهمًا، فيتبقى درهم من الثمن المتفق عليه، وعشرة آلاف درهم ودرهم من الثمن المذكور في العقد، فيشتريها المشتري بدينار، ولا يكون هناك رِبَا، لأنهم قد أجمعوا على جواز بيع الفضة بالذهب متفاضلاً إذا كان يَدًا بِيَدٍ.

وقد كان أولى بمن أجاز هذه الحيلة، حيث أثبت الشفعة للجار أن يرفق بالجار، وألا تثمن عليه صفقة بأكثر من قيمتها. وقد عرض على أحد الصحابة (*) في بيت له خمسمائة، ولم يرض الشفيع إلا بأربعمائة، فأعطاه الشفيع وقال له: «لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ " مَا بِعْتُكَهُ».

ثم ذكر البخاري مسألة استحقاق الدار ليبين أن البائع كان قاصدًا للحيلة لإبطال الشفعة. ثم عقب بذكر مسألة الرد بالعين، ليبين أنه تحكم، وكان مقتضاه أنه لا يرد إلا ما قبضه، لا زائدًا عليه (١).

وبانتهاء هذه المسألة تنتهي المسائل التي عَرَّضَ فيها البخاري بأهل الرأي.

تَعْقِيبٌ:

وقبل أن نودع هذا الفصل نجمل ملاحظاتنا عليه فيما يلي:

١ - لم تكن غاية البخاري في نقده لأهل الرأي بيان خلافهم الأحاديث، بقدر ما كان اهتمامه منصبًا إلى بيان تناقضهم، ومحاولة إلزامهم بما يعتبر نتيجة يؤدي إليها مذهبهم، ولم يصرح باتهام أهل الرأي بمخالفة الحديث إلا في مسألة الرجوع في الهبة. ولذلك كان الخلاف في جل المسائل التي ناقشها معهم راجعًا إلى اختلاف الفهم والتأويل والتقدير أي إلى الاجتهاد في النص، أو إلى الترجيح أو التوفيق بين النصوص.


(١) انظر " المبسوط ": ٣٠/ ٢٣٩، ٢٤٠؛ و" فتح الباري ": ١٢/ ٣٠٧، ٣٠٨.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) هو أبو رافع مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انظر " عمدة القاري "، للعيني، ١٢/ ٧٢ طبعة دار الفكر، مصورة عن الطبعة المنيرية.
وانظر " إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري "، للقسطلاني (ت ٩٢٣ هـ)، ١٠/ ١١٤، ١١٥، الطبعة السابعة: ١٣٢٣ هـ، نشر المطبعة الكبرى الأميرية - مصر.

<<  <   >  >>