للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلاَّهَا مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ وَقْتُ العِشَاءِ». ثم روى عن عمر أن وقت العشاء إلى ثلث الليل، وهناك أثر آخر عن إبراهيم أن وقتها إلى ربع الليل.

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " وَقْتُ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ "».

اختلف في آخر وقت العشاء على ثلاثة أقوال:

١ - أنها إلى ثلث الليل.

٢ - أو إلى نصف الليل.

٣ - أو إلى طلوع الفجر.

وبالرأي الأول قال مالك والشافعي، ونسبه ابن رشد إلى أبي حنيفة (١)، ونسب إليه ابن العربي القول الثاني، ورجحه (٢)، ولكن كتب الأحناف لا تذكر لأبي حنيفة إلا الرأي الثالث (٣)، وقد روى الطحاوي من الأحاديث ما يفيد أن الليل كله وقت لصلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ولكنه على أوقات ثلاثة: فأفضل أوقاتها إلى ثلث الليل، وإلى النصف دون الوقت الأول في الفضل، ثم المرتبة الأخيرة من النصف إلى الفجر، ثم روى عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِلَى أَبِي مُوسَى: " وَصَلِّ العِشَاءَ أَيَّ اللَّيْلِ شِئْتَ وَلَا تَغْفُلْهَا "»، ثم ذكر أن ذلك هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولم يحك بينهم في ذلك اختلافًا (٤).

١٢ - اقْتِدَاءُ المُتَنَفِّلِ بِالإِمَامِ فِي الفَجْرِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَانْحَرَفَ، إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ،


(١) " بداية المجتهد ": ١/ ٧٥، ثم ذكر أن القول الثالث هو رأي أهل الظاهر، ثم قال: «وَأَحْسِبُ أَنَّ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ».
(٢) " ابن العربي على الترمذي ": ١/ ٢٨٧.
(٣) انظر " فتح القدير ": ١/ ١٥٥، ١٥٦.
(٤) انظر " شرح معاني الآثار ": ١/ ٩٣، ٩٥.

<<  <   >  >>