للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما ينتقد به أبو حنيفة، بَلْ ذَهَبَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِهِ إِلَى أَنَّ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، وفي روايات أخرى: أن تخليلها مستحب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، لأن المأمور به غسل الوجه، والفرض قد انتقل إلى ظاهر الشعر بعد نباته، فصار ما تحته غير مكلف بغسله (١).

١٠ - المَسْحُ عَلَى العِمَامَةِ:

وَبِسَنَدِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَالخِمَارِ»، وفي بعض الروايات «عَلَى العِمَامَةِ»، وفي بعضها الآخر: «[مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَعَلَى الخُفَّيْنِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى العِمَامَةِ] وَمَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ».

- وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ , «لَا يُجْزِئُ المَسْحُ عَلَيْهِمَا». أي الخمار والعمامة.

ذكر الترمذي أن القول بالمسح على العمامة هو مذهب الأوزاعي وأحمد وإسحاق، وقد رأى غير واحد من الصحابة والتابعين خلاف ذلك، حيث قالوا: لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي (٢).

وفي رواية أبي داود ما يؤيد الرأي الثاني، حيث روى في (بَابُ الْمَسْحِ عَلَى العِمَامَةِ) حديثين: أولهما «أَنَّ سَرِيَّةً قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَصَابَهَا البَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ» (أي العمائم والخفاف)، وثانيهما عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ العِمَامَةِ، فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضِ العِمَامَةَ» (٣).


(١) " شرح ابن العربي على الترمذي ": ١/ ٤٩.
(٢) " الترمذي ": ١/ ١٥٠، ١٥١. وذهب أهل الظاهر إلى رأي المحدثين في جواز المسح على العمامة (انظر: " المحلى ": ٢/ ٥٨، ٦٠).
(٣) " أبو داود ": ١/ ٧٢، ٧٣.

<<  <   >  >>