للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر المتكلمين إلى أنه ليس بحجة، لأن الصحابي مجتهد غير معصوم فلا يجب تقليده (١).

وإذا قال الصحابي قولاً لم يخالف فيه، فإنه يقدم على القياس عند الآخذين به لأنه ملحق بالنصوص، فيأتي بعد الكتاب والسنة، ويترك القياس لأجله.

وذهب بعض العلماء إلى أنه حجة فيما خالف القياس لا فيما وافقه، لأن مخالفته القياس دليل على أن قوله عن توقيف لا عن رأي.

أما إذا اختلف الصحابة فإنه يرجح بين أقوالهم، ولا يخرج عنها.

وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي دَعْمِ حُجِّيَّةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَسَاقَ فِي ذَلِكَ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ وَجْهًا (٢).

المَوْضُوعِيَّةُ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ:

في نهاية بحثنا مسائل الاتجاه إلى الآثار، التي رأينا أن التعرض لها مما يعين على تعرف منهج المحدثين، ويوضح الفروق بينهم وبين غيرهم في الأخذ بالسنة وآثار السلف، نقف وقفة قصيرة تجمع فيها شتات ما قيل في ذلك، ولنلقي عليه نظرة فاحصة، محاولين تقويم عمل هؤلاء وهؤلاء، قبل أن ننتقل إلى النتائج التي أسفر عنها هذا الاتجاه.

وقد رأينا أن مظهر الخلاف بين المحدثين وغيرهم - وبخاصة الأحناف


(١) جَعَلَ الغَزَالِيُّ قَوْلَ الصَّحَابِيَّ مِنَ الأُصُولِ المَوْهُومَةِ، وَقَدْ سَاقَ البَرَاهِينَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَقْلِيدِهِمْ، ثُمَّ سَاقَ الخِلَافَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِهِمْ، وَعَقَدَ فَصْلاً لِتَفْرِيعِ الشَّافِعِيِّ فِي القَدِيمِ عَلَى الأَخْذِ بِأَقْوَالِهِمْ (انظر " المستصفى ": ١/ ٢٦٠، ٢٦٤).
(٢) راجع " إعلام الموقعين ": ٣/ ٣٨١ - ٤٠٤.

<<  <   >  >>