للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَدِلَّةُ المُجِيزِينَ لِلْحِيَلِ:

وقد احتج الذين أجازوا الحيل بأدلة كثيرة (١) منها:

أ - قول الله لداود: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (٢)، وقد كان نذر أن يضرب زوجته عددًا من الضربات، وفي العادة المتعارفة أن الضربات تكون متفرقة، فأرشده الله سبحانه إلى الحيلة في خروجه من اليمين.

ب - أخبر تعالى عن نبيه يوسف أنه جعل صواعه في رحل أخيه، ليتوصل بذلك إلى أخذه، ومدحه الله بذلك، وأخبر أنه برضاه وإذنه: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (٣).

ج - قال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (٤). فأخبر سبحانه أنه مكر بمن مكر بأنبيائه ورسله. وكثير من الحيل هذا شأنها، يمكر بها على الظالم والفاجر، ومن يعسر تخليص الحق منه، فتكون وسيلة إلى نصر مظلوم وقهر ظالم.

د - قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (٥). أي مخرجًا مما ضاق على الناس، والحيل مخارج مما ضاق عليهم، فالحالف قد يضيق عليه ما ألزم نفسه به، فيكون له بالحيلة مخرج منه. والرجل تشتد به الحاجة إلى الإنفاق ولا يجد من يقرضه، فيكون له بالحيلة مخرج منه عن طريق العينة وغيرها، ولو لم يفعل ذلك لهلك ولهلكت عياله، فهو محصور بين ثلاثة


(١) المصدر السابق: ٣/ ١٥٦، ١٦٧.
(٢) [ص: ٤٤].
(٣) [يوسف: ٧٦].
(٤) [النمل: ٥٠].
(٥) [الطلاق: ٢].

<<  <   >  >>