ذكر ابن أبي شيبة في كتابه " المصنف " بَابًا بعنوان: (هَذَا مَا خَالَفَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ الأَثَرَ الذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)، جمع فيه خمسًا وعشرين ومائة مسألة.
ولو تذكرنا ما سبق في وصف منهج ابن أبي شيبة في " مصنفه "(١) لرأينا أنه يلتزمه في هذا الباب أيضًا، حيث يروي بسنده في كل مسألة، ما جاء فيها من حديث مرفوع أو موقوف، موصول أو مرسل أو مقطوع، وأقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم، ثم يعقب على ذلك بذكر مخالفة أبي حنيفة للآثار التي قدمها غير أنه لا يوثق ما ينسب إلى أبي حنيفة بذكر سنده إليه، بل يكتفي بقوله:«وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ كَذَا»، وكأنه ينقل ما شاء في أوساط المحدثين عن أبي حنيفة وموقفه من الحديث، دون أن يتحمل مسؤولية صحة النسبة إليه، وبذلك يتسق هذا الباب مع بقية أبواب " المصنف "، حيث لم يلتزم الصحة في كل مروياته، سواء من حيث الآثار التي رواها في كتابه، مما خالفه أبو حنيفة أو وافقه، أو من حيث نسبة الأقوال إلى أبي حنيفة. وكما ثبت عدم صحة بعض الآثار التي رواها - ثبت كذلك خطأ نسبة بعض الآراء التي عزاها إلى أبي حنيفة.
ويلاحظ أن ابن أبي شيبة قد نص صراحة على أن خصمه هو أبو حنيفة واقتصر في اتهامه عليه، وكأن أهل الرأي الذين خاصمهم المحدثون قد تركزوا