وهو يشير إلى أن قوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}[التوبة: ١٢٢]، يوجب قبول الخبر النافر للتفقه. ولا يخلو هذا النافر من أن يكون عدلاً أو فاسقًا، ولا سبيل إلى قسم ثالث، وقد أمر الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بالتوقف في قبول خبر الفاسق بقوله:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}[الحجرات: ٦]. فلم يبق إلا قبول خبر العدل، وهذا استدلال بمنطوق النصوص، لا بمفهومها.
أَقْسَامُ الدَّلِيلِ:
والدليل عند الظاهرية ينقسم إلى قسمين: دليل مأخوذ من النص ودليل مأخوذ من الإجماع، وقد أشار ابن حزم إلى كلا القسمين، بذكره أمثلة لهما في عبارته التي صدرنا بها كلامنا عن أصول أهل الظاهر.
فمن أنواع الدليل المأخوذ من النص، ما سبق في المثال الذي ذكره ابن حزم، من أن النص يشتمل على مقدمتين، دون أن يذكر فيه النتيجة المترتبة عليهما كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ». فإن هاتين المقدمتين ينتج عنهما:(كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، فهذا