وقد يثير الاتجاه إلى المقاصد، والاعتناء بالنية والبواعث النفسية التساؤلات حول كيفية التصرف إذا تعارضت النية مع العمل، بمعنى أن الإنسان إذا فعل فعلاً موافقًا لظاهر التشريع مع أن نيته تخالف هذا المظهر، فهل تحكم على هذا الإنسان بنيته المستترة، أو بعمله الظاهر؟
وكذلك إذا فعل فعلاً مخالفًا لظاهر التشريع، مع أن نيته كانت نية حسنة، تتجه إلى الموافقة لا المخالفة، فهل يؤخذ الإنسان بمخالفته الظاهرة، أم بنيته الحسنة؟
والذي يستفاد من كلام ابن القيم أن النية لا تأثير لها في الحكم الظاهري، طالما كانت خفية غير معلومة لمن يحيط بصاحبها من أفراد المجتمع. والذي يحاسب الإنسان على هذه النية حينئذٍ هو العليم بذات الصدور سبحانه.
أما إذا ظهرت النية حينئذٍ بطريقة ما، وعلم الباعث على العمل، فإن التأثير حينئذٍ للنية والباعث في الموافقة والمخالفة.
وقد كان الشاطبي موفقًا في إجابته عن هذا التساؤل السابق، حيث قسم العلاقة بين المقصود والفعل إلى أربعة أقسام:
لأن فاعل الفعل أو تاركه إما أن يكون فعله أو تركه موافقًا أو مخالفًا وعلى كلا التقديرين إما أن يكون قصده موافقة الشارع أو مخالفته:
- فالقسم الأول: أن يكون موافقًا، وقصده الموافقة. كأداء العبادات وترك المحرمات، امتثالاً لأمر الله تعالى ونهيه. وهذا لا إشكال في صحته.
- والثاني: أن يكون مخالفًا وقصده المخالفة، كترك الواجبات وفعل المحرمات قاصدًا لذلك. وهذا أيضًا ظاهر الحكم.