للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجَنَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي آخِرَةٍ» (١).

ويلاحظ أنه ترجم لهذا الباب بقوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي المَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ).

وبهذه الطريقة التي تعنى بذكر الآراء المختلفة في موضوع الحديث، يعتبر " جامع الترمذي " مصدرًا جيدًا للخلافات بين الفقهاء، وبخاصة الفقهاء الخمسة الذين حرص على ذكر آرائهم. كما يمتاز باختصار طرق الحديث، فلا يروي منه إلا أصحها ثم يشير إلى الطرق الأخرى بقوله: «وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ» مثلاً.

مَنْهَجُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ:

أما أبو داود والنسائي فيشتركان في أنهما اقتصرا في كتابيهما على أحاديث الأحكام، أو كادا يقتصران عليها، فلم يرويا أحاديث الفضائل والزهد والرقاق. كما اشتركا في التراجم الواضحة المختصرة التي تعبر عن اختياراتهم، أو تشير إلى آرائهم والتي تجردت من ذكر آراء الصحابة أو غيره فيها.

لكن التعليقات الفقهية على الأحاديث عند أبي داود، كانت أكثر منها عند النسائي، كما كان أبو داود أكثر تصريحًا برأيه، وذكرًا لآراء التابعين، وكثير من آراء أبي داود ينقلها عن أحمد بن حنبل، مما يبين تأثره به، ولا شك أنه تتلمذ عليه، حتى أتيح له أن يروي عنه كتابًا في المسائل.

ومن أمثلة نقله عن ابن حنبل، ما جاء في (بَابُ المُحْرِمِ يَمُوتُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ؟)، فإنه بعد أن روى الحديث في ذلك قال: «سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ،


(١) " الترمذي " بتحقيق شاكر: ١/ ٤٠، ٤١؛ وبـ " شرح ابن العربي ": ١/ ٤٤، ٤٥. وانظر ٢/ ٢٧، ٢٨ بـ " شرح ابن العربي ".

<<  <   >  >>