للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رأيي أن الخلاف في هذه المسألة مبني على الخلاف في صلاحية النضح للتطهير وإزالته للنجاسة، مما سبق ذكره في مسألة الرش على بول الصبي. فقد ذكرنا هناك أن أبا حنيفة ذهب إلى أن النضح غير مزيل للنجاسة وحمل هو والإمام مالك النضح في الأحاديث على الغسل.

والمني عند أبي حنيفة نجس، لا كما يوهم كلام الكوثري من أنه طاهر. فيجب غسله إن كان رطبًا، ويجزي فيه الفرك إن كان يابسًا لحديث عائشة، وكذلك ذهب مالك إلى نجاسته. وأما الشافعي وأحمد وأهل الظاهر، فقد ذهبوا إلى طهارة المني - وحينئذٍ فالنضح شيء كمالي، إن وجد فحسن، وإن عدم فلا بأس، لأنه لا توجد نجاسة حتى يطلب زوالها (١).

أما المذي فإنه نجس بالإجماع، ولكن هل يكفي فيه النضح، أو لا بد من الغسل؟، ذهب الجمهور إلى وجوب الغسل، وقال أحمد بن حنبل: «أَرْجُو أَنْ يُجْزِيهِ النَّضْحُ بِالمَاءِ» (٢).

وعلى هذا فجمع ابن أبي شيبة للمذي مع المني في مكان واحد، ملائم لمذهب أحمد والمحدثين، الذين يرون أن النضح يقوم مقام الغسل في إزالة النجاسات، إلا أنهم يقيدون مواضع النضح بما جاءت به النصوص ولا يقيسون عليها غيرها.

٧ - سُؤْرُ السِّنَّوْرِ:

عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ زَوْجَةً لِبَعْضِ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهَا صَبَّتْ لأَبِي قَتَادَةَ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ [فَشَرِبَتْ] فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءِ،


(١) " شرح ابن العربي على الترمذي ": ١/ ١٧٨، ١٨١؛ و" بداية المجتهد " ١/ ٦٤؛ و" فتح القدير ": ١/ ١٣٦، [١٣٧]؛ و" معاني الآثار ": ١/ ٢٩، ٣٢.
(٢) " الترمذي ": ١/ ١٢٩.

<<  <   >  >>