للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك جعل الشاطبي القول بسد الذرائع نتيجة من نتائج الاعتبار بمآلات الأفعال، لا من نتائج الاعتبار بالنيات والمقاصد (١)، إلا إذا أردنا بالمقاصد هنا ما هو مقصود للشريعة، لا الباعث الشخصي.

وقد ذكر الشاطبي أن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا لأن المجتهد لا يحكم على فعل المكلف إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، فقد يكون الفعل مشروعًا لمصلحة فيه تستجلب أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ذلك. فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى إلى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا منعًا من إطلاق القول بالمشروعية. وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية، ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزي، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية.

ثم يقول الشاطبي: «وَهُوَ مَجَالٌ لِلْمُجْتَهِدِ صَعْبُ المَوْرِدِ، إِلاَّ أَنَّهُ عَذْبُ المَذَاقِ مَحْمُودُ الغَبِّ، جَارٍ عَلَى مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ» (٢).

اعْتِبَارُ أَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلَ لِلْذَّرَائِعِ:

من أبرز من قال بالذرائع من أهل الحديث: الإمام أحمد، أخذًا بالأحوط: ونظرًا إلى مآل الفعل: واتهامًا للقصد عند ما يكون مآل الفعل غير مأذون فيه.


(١) انظر " الموافقات ": ٤/ ١١٠، ١١٤، المطبعة السلفية بمصر، وانظر أيضًا في الذرائع نفسه ٢/ ٢٥٣، ٢٥٦. حيث أثبتها الشاطبي في الفعل المأذون فيه. إذا لزم عنه ضرر غير مقصود، وكان هذا الضرر أو كثيرًا غالبًا.
(٢) " الموافقات ": ٤/ ١١٠، ١١١.

<<  <   >  >>