أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا - وكان قد ذكر أنه غير متفق على صحته - أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الأَوْقَاصِ وَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ فِيهَا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَلَمَّا لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ طَلَبَ حُكْمَهُ مِنْ طَرِيقِ القِيَاسِ، فَمَنْ قَاسَهَا عَلَى الإِبِلِ وَالغَنَمِ لَمْ يَرَ فِي الأَوْقَاصِ شَيْئًا، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الأَصْلَ فِي الأَوْقَاصِ الزَّكَاةُ إِلاَّ مَا اسْتَثْنَاهُ الدَّلِيلُ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ فِي البَقَرِ وَقْصٌ، إِذْ لَا دَلِيلَ هُنَالِكَ مِنْ إِجْمَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ» (١).
٣ - زَكَاةُ الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ:
وَبِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَدْ جَاوَزْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ».
«وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّاسُ: " يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ , خَيْلُنَا وَرَقِيقُنَا , أَفْرِضْ عَلَيْنَا عَشَرَةً عَشَرَةً " , قَالَ: " أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَفْرِضُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ "».
«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الفَرَسِ الغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَدَقَةٌ "».
«كَمَا رَوَى عَنْ ابْنِ المُسَيَّبِ، وَعُمَرَ ابْنَ عَبْدِ العَزِيزِ وَمَكْحُولٍ أَنْ لَا صَدَقَةَ فِيهَا».
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " إِنْ كَانَتْ خَيْلٌ فِيهَا ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ يُطْلَبُ نَسْلُهَا فَفِيهَا صَدَقَةٌ "».
حمل أبو حنيفة حديث أبي هريرة السابق على عبد الخدمة، وفرس الركوب، لأن هذه الإضافة إضافة خاصة، بدليل أنهم قد اتفقوا على أن في عبيد التجارة وخيل التجارة صدقة. قال الترمذي بعد أن روى حديث أبي هريرة: «وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، أَنَّهُ لَيْسَ فِي الخَيْلِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي الرَّقِيقِ إِذَا كَانُوا لِلْخِدْمَةِ صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا لِلتِّجَارَةِ، فَإِذَا كَانُوا
(١) " بداية المجتهد ": ١/ ٢٣٩، ٢٤٠.