للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ، فَرَضِيَتِ اليَتِيمَةُ، فَقَبِلَ القَاضِي شَهَادَةَ الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلاَنِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الوَطْءُ».

هذه ثلاثة اعتراضات اعترض بها البخاري على الأحناف: أولها تزويج البكر بغير رضاها، والثاني في تزويج الثيب بغير رضاها، والثالث في تزويج الصغيرة.

ويجمع الفروع الثلاثة الرد على أبي حنيفة في قوله: إن حكم الحاكم في هذه المسائل ينفذ ظاهرًا وباطنًا، ويحلل ويحرم. وقد أورد البخاري هذه الاعتراضات مكررة تفصل بينها الأحاديث، للمبالغة في التشنيع على هذا القول الذي يبيح للزوج أن يقدم على ما حرمه الله.

وقد سبق أن ذكرنا هذه المسألة فيما أخذه ابن أبي شيبة على أبي حنيفة وَبَيَّنَّا هناك أن أبا حنيفة يتفق مع الجمهور في أن حكم الحاكم في الأموال لا يفيد الحل أو الحرمة في الواقع، إذا كان حكمه مبنيًا على شهادة شهود ظاهرهم العدالة وباطنهم الكذب. ولكنه يخالف الجمهور فيما يتعلق بالزواج والطلاق، حيث يجعل حكم الحاكم فيهما نافذًا ظاهرًا وباطنًا، وإن كان بشهادة شهود عدول في الظاهر كذبة في الواقع، مستدلاً بأن الحاكم يحكم بالتفرقة بين المتلاعنين، وينفذ حكمه ظاهرًا وباطنًا، مع العلم بأن أحدهم كاذب لا محالة. وقد رجعنا هذا الاختلاف فيما سبق إلى الاختلاف حول تأثير الجانب الخلقي الديني في الأمور التشريعية (١).

فِي الغَصْبِ:

قال البخاري: (بَابُ إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ، فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الجَارِيَةِ المَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهِيَ لَهُ، وَيَرُدُّ القِيمَةَ وَلَا تَكُونُ القِيمَةُ ثَمَنًا).


(١) انظر ما سبق في ص ٤٢٢؛ و" فتح الباري ": ١٢/ ٣٠١، [٣٠٢]، المطبعة الأميرية ببولاق، سنة ١٣٠١ هـ.

<<  <   >  >>