للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أَحْلِفُ» لم يجر اللعان، والأخرس لا تقبل شهادته في الأموال، فكذلك في اللعان (١).

والأحاديث التي ذكرها البخاري ليس فيها ما يؤيد أحد القولين في هذه المسألة بالذات، وإن كان فيها اعتبار الإشارة في التصرفات بوجه عام وهو ما يقول به أهل الرأي، غير أنهم يستثنون من ذلك لعان الأخرس وقذفه، لما سبق.

مَفْهُومُ النَّبِيذِ بَيْنَ البُخَارِيِّ وَأَهْلِ الرَّأْيِ:

قَالَ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الإِيمَانِ: (بَابُ إِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذًا، فَشَرِبَ طِلاَءً، أَوْ سَكَرًا، أَوْ عَصِيرًا - لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ) (٢).

الطِّلَاءُ: هو عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب أقل ثلثيه، وَالسَّكَرُ: نقيع التمر، والعصير هو عصير العنب.

لا شك أن الأيمان مبنية على العرف، فإذا كان العرف يطلق على هذه الأنواع لفظ النبيذ، إن صنعت بطريقة خاصة، أو أطلقها على ما يصنع من غير هذه الأنواع، فإن الحالف لا يحنث بشر ما لا يطلق عليه. أما رأي أبي حنيفة في الخمر المحرمة، فقد سبق الكلام عنه، وقد أجمل صاحب " الهداية " الأشربة المحرمة في قوله: «الْأَشْرِبَةُ المُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ: الخَمْرُ وَهِيَ عَصِيرُ العِنَبِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ، وَالعَصِيرُ إذَا طُبِخَ حَتَّى يَذْهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ - وَهُوَ الطِّلَاءُ [المَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ]، وَنَقِيعُ التَّمْرِ - وَهُوَ السَّكَرُ -، وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ إذَا اشْتَدَّ وَغَلَى» (٣).


(١) انظر " الهداية ": ٢/ ١٩؛ و" فتح القدير ": ٣/ ٣٥٩؛ و" بداية المجتهد ": ٢/ ٩٨.
(٢) " البخاري ": ٤/ ١٥٧.
(٣) انظر ما سبق في ص .... (*)؛ و" بداية المجتهد ": ٤/ ٨٠ وما بعدها.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) بياض في العزو إلى الصفحة، انظر ص ٥٦١ من هذا الكتاب، وانظر أيضًا " العناية شرح الهداية "، للبابرتي (ت ٧٨٦ هـ)، الطبعة بدون تاريخ، ١٠/ ٨٩، نشر دار الفكر.

<<  <   >  >>