للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورواه عن ابن سيرين مُرْسَلاً، ثم قال:

- «وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِخِلافِهِ».

هذه المسألة من المسائل المشهورة التي أخذها العلماء على أبي حنيفة، واتضح فيها مخالفته للحديث. وقد ذكر الطحاوي أن هذا الحديث منسوخ، وساق وجوهًا لنسخه، رضي بعضها ولم يرض سائرها (١)، وذكر آخرون أن أبا حنيفة قد رد هذا الحديث لمخالفته الأصول، فهو معارض بالحديث: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»، ومعارض بالمنع من بيع طعام بطعام نسيئة، ومعارض بأن الأصل في المتلفات إما القيمة وإما المثل، وإعطاء صاع من تمر بدل اللبن ليس قيمة ولا مثلاً، ومنها بيع الطعام المجهول أي الجزاف بالمكيل المعلوم (٢).

وقد ذكرنا من قبل أن أبا حنيفة لا يعتمد على السند فقط في نقده الحديث، بل يضيف إلى ذلك النظر إلى المتن أيضًا (٣).

فالاختلاف هنا هو اختلاف في صحة الحديث، وإن كان رأي أبي حنيفة في ذلك مرجوحًا.

٣ - بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ صَلاَحِهِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ [صَلاَحُهُ]».

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «[نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ] حَتَّى تُحْرَزَ مِنْ كُلِّ عَارِضٍ».

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، [قَالَ]: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، قَالُوا: وَمَا بُدُوُّ صَلاَحِهَا؟ قَالَ: تَذْهَبُ عَاهَاتُهَا وَيَخْلُصُ طَيِّبُهَا».

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ


(١) انظر " معاني الآثار ": ٢/ ٢٠٥، ٢٠٨.
(٢) " بداية المجتهد ": ٢/ ١٤٦؛ و" إعلام الموقعين ": ٢ / [١٢٥]، ١٢٧، ٢٩٥، ٢٩٦؛ و" البخاري ": ٢/ ١١؛ و" المحلى ": ٩/ ٦٦، ٧٠.
(٣) انظر ما سبق " في ص ٢٤٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>