للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يهمنا هنا هو موقف ابن عباس من نقد ما رواه أبو هريرة في إيجاب الوضوء مما مست النار، ومناظرته له في ذلك، وعن أي شيء صدر النقد من ابن عباس.

وقد بين لنا الترمذي موقف ابن عباس فيما رواه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَلَوْ مِنْ ثَوْرِ أَقِطٍ»، قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنَتَوَضَّأُ مِنَ الدُّهْنِ؟ أَنَتَوَضَّأُ مِنَ الحَمِيمِ؟»، قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «يَا ابْنَ أَخِي، إِذَا سَمِعْتَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلاَ تَضْرِبْ لَهُ مَثَلاً» (١).

[ب] الوُضُوءُ مِنْ حَمْلِ الجَنَازَةِ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ وَمَنْ حَمَلَهُ تَوَضَّأَ»، فبلغ ذَلِكَ عَائِشَة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فَقَالَتْ: «أَوَ نَجَسٌ مَوْتَى الْمُسْلِمِيْنَ؟ وَمَا عَلَى رَجُلٍ لَوْ حَمَلَ عُودًا» (٢).

وقال ابن عباس في ذلك أيضًا: «لَا يَلْزَمُنَا الوُضُوءُ مِنْ حَمْلِ عِيدَانٍ يَابِسَةٍ» (٣).

وكأن عائشة وابن عباس لاحظَا أن الأصل في نقض الوضوء هو قوله تعالى:


(١) " سنن الترمذي بشرح ابن العربي ": ١/ ١٠٨، ١٠٩. وثور أقط: الثور الجملة من الطعام. والأقط - بفتح الهمزة وكسر القاف، وبفتح الهمزة وكسرها مع سكون القاف - الطعام يتخذ من اللبن المخيض - المأخوذ منه الزبد - فيطبخ ثم يترك حتى يخرج ماؤه ويبقى اللبن جامدًا.
(٢) " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص ١٣٥ - وقد علق الزركشي في ص ١٣٦ من نفس المصدر بأن جماعة من الصحابة رَوَوْا هذا الحديث ولم يذكروا فيه الوضوء من حمله، وهذا يقوي إنكار عائشة، ثم نقل البيهقي أن الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية، ثم قال: «وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ». وانظر " المغني ": ١/ ١٩١ و ٢١١.
(٣) " أسباب اختلاف الفقهاء "، للأستاذ علي الخفيف: ص ٣٨ و ٤٨.

<<  <   >  >>