للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَسُئِلَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «أَصَابَ السُّنَّةَ».

«وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ أَنَّهُمَا أَوْتَرَا بِرَكْعَةٍ، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَمُعَاذٍ، وَالشَّعْبِيَّ وَالحَسَنَ».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ "».

ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الوِتْرَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ كَالمَغْرِبِ، لِأَحَادِيثَ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ، يَذْكُرُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بَعْضَهَا فِي المَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ.

وقد ذهب مالك إلى أن الوتر ثلاثة، إلا أنه قال: «يُفْصَلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ وَالوَاحِدَةِ بِتَسْلِيمَةٍ».

وَقَدْ ذَهَبَ البُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ الوِتْرَ رَكْعَةٌ، ومع ذلك يبدو أنه يميل إلى أن في الأمر سعة، فقد روى عَنْ القَاسِمِ: «... وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلاَثٍ، وَإِنَّ كُلاًّ لَوَاسِعٌ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ» (١).

أما أصحاب السنن فإنهم يَرْوُونَ الآثار المختلفة في عدد الوتر على أنهما كيفيات لصلاة الوتر، يختار المسلم منها ما يشاء.

وقد بحث الطحاوي هذه المسألة بحثًا مستفيضًا، جمع فيه الآثار المختلفة ورجح منها رأي أبي حنيفة (٢).

والذي نصل إليه من أن الآثار في هذه المسألة مختلفة، واختيار المجتهد لأحدها لمرجحات عنده لا تستدعي وصفه بمخالفة الآثار.

٢٠ - القِرَاءَةُ فِي الوِتْرِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الوِتْرِ بِـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) , وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) , وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَرِهَ أَنْ يَخُصَّ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا فِي الوِتْرِ» (٣).


(١) " البخاري ": ١/ ١٢٦.
(٢) راجع هامش ١ من الصفحة السابقة.
(٣) " معاني الآثار ": ١/ ١٦٣، ١٧٥.

<<  <   >  >>