للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهذا أفاض العلماء في الكلام عن سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقسيمها إلى سنة تشريعية وسنة عادية كما قسموا التشريعية إلى أقسام مختلفة عبروا عنها أحيانًا بشخصيات الرسول (١).

[جـ]- الفِقْهُ، تَعْرِيفُهُ:

كلمة «الفقه» كانت موجودة في كلام العرب قبل الإسلام، لا بالمعنى الاصطلاحي الذي اكتسبته في الإسلام، إذ لم يكن لديهم ما يمكن أن تطلق عليه، ولهذا أيضًا لم يوجد عندهم من يطلق عليهم «الفقهاء» وإنما كانت الكلمة تستعمل بمعنى العلم بالشيء وتفهمه والوصول إلى أعماقه. قال تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي} (٢) أي يعلموا المراد منه ويفهموه.

وقد فرق الآمدي بين العلم والفهم فقال: «الفَهْمُ عِبَارَةٌ عَنْ جَوْدَةِ الذِّهْنِ مِنْ جِهَةِ تَهْيِئَتِهِ لِاقْتِنَاصِ كُلِّ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ المَطَالِبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ المُتَّصِفُ بِهِ عَالِمًا كَالعَامِّيِّ الفَطِنِ» (٣) أما ابن القيم فإنه يجعل الفقه في درجة أعلى من الفهم فيقول: «وَالفِقْهُ أَخَصُّ مِنْ الفَهْمِ، وَهُوَ فَهْمُ مُرَادِ المُتَكَلِّمِ مِنْ كَلَامِهِ، وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ فَهْمِ وَضْعِ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ، وَبِحَسَبِ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ النَّاسِ فِي هَذَا تَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُمْ فِي الفِقْهِ وَالعِلْمِ» (٤).


(١) انظر " الفروق " للقرافي: ١/ ٢٠٥، ٢٠٩، ومقال المرحوم الشيخ شلتوت. بمجلة " الرسالة " في ٣٠ مارس ١٩٤٢ وللشيخ الخضر حسين نقد له نشر بمجلة " الهداية الإسلامية " في العددين جمادى الآخرة ١٣٦١ هـ ورجب وشعبان من العام نفسه، وانظر " دروس في فقه الكتاب والسنة - البيوع منهج وتطبيقه " للمرحوم محمد يوسف موسى.
(٢) [طه: ٢٧ - ٢٨].
(٣) " الإحكام " للآمدي: ١/ ٧.
(٤) " إعلام الموقعين ": ١/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>