للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَمَلٍ وَاعْتِقَادٍ، وَلَا بَيْنَ أَعْمَالِ الجَوَارِحِ وَإِذْعَانِ القَلْبِ وَالعَقْلِ» (١).

وقول ابن حنبل الذي رجحه الأستاذ أبو زهرة في هذه المسألة هو قول عامة المحدثين في القرن الثالث، وقول بعض المتأخرين منهم (٢). وهذا الاتجاه يعني أن خبر الآحاد إذا استوفى شروط الصحة فإن صدوره عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حينئذٍ أمر مقطوع به، متيقن منه، لا يحتمل الشك. ومن هنا كانت حملتهم الشديدة على الذين لا يأخذون بالخبر في بعض المواطن، واتهامهم لهم بمخالفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتشنيعهم عليهم لذلك.

ولكن لما كانت أخبار الآحاد عند غير المحدثين تفيد ظنًا راجحًا، لأن الاحتمالات التي يتعرض لها خبر الواحد، كالكذب والسهو والخطأ وغيرها تقصر به عن إفادة ما يفيده المتواتر من العلم - لما كان ذلك كذلك، وضع هؤلاء الفقهاء شروطًا لخبر الواحد تراعى فيها هذه الاحتمالات، وحددوا مجال العمل به بالنسبة لما هو مقطوع به من القرآن والسنة المتواترة. وكثير من هذه الشروط موضع نزاع بينهم وبين المحدثين وهذا يدعونا إلى أن نستعرض شروط الصحيح بين المحدثين وغيرهم.

ويشترط المحدثون في الحديث الصحيح شروطًا يمكن حصرها في عدالة الراوي وضطبه، واتصال الإسناد، وسلامة الحديث من الشذوذ والعلل (٣)


(١) " ابن حنبل ": ص ٢٢٦، ٢٢٧.
(٢) كابن الصلاح الذي ذهب إلى أن " صحيحي البخاري ومسلم " مقطوع بصحة ما فيهما (انظر " شروط الأئمة الخمسة " للحازمي، بتعليق الكوثري: ص ٢٦).
(٣) عَرَّفَ الشافعي الشاذ: بأن يروي الثقة حديثًا يخالف فيه الثقات، وَعَرَّفَهُ غيره بأنه ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة، أو غير ثقة، فيتوقف فيما شذ به الثقة ولا يحتج به، =

<<  <   >  >>