للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثاله: (بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ ... وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالعِصْيَانِ [مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ]) ذكر فيه حديث: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (١).

- ومنها: أنه قد يجمع ف ي باب واحد أحاديث كثيرة، كل واحد منها يدل على الترجمة، ثم يظهر له في حديث منها فائدة أخرى سوى الفائدة المترجم عليها، ويعلم على ذلك الحديث بعلامة الباب، وليس غرضه أن الباب الأول قد انقضى بما فيه، وجاء الباب الآخر برأسه ولكن قوله (باب) هنالك بمنزلة ما يكتب أهل العلم على الفائدة المهمة لفظ (تنبيه) أو لفظ (فائدة)، أو لفظ (قف). مثاله ما جاء في كتاب بدء الخلق: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: ١٦٤]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الثُّعْبَانُ: الحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا، يُقَالُ: الحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الجَانُّ وَالأَفَاعِي، وَالأَسَاوِدُ (*)، {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: ٥٦]: «فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ»، يُقَالُ: {صَافَّاتٍ} [النور: ٤١]: «[بُسُطٌ] (**) أَجْنِحَتَهُنَّ» {يَقْبِضْنَ} [الملك: ١٩]: «يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ» (٢).

ومن هذه الترجمة نفهم أن البخاري لم يجعل لفظ (الدابة) مقصورًا على ما يدب على الأرض، بل أدخل الطير أيضًا في مفهومها. وبعد أن ذكر حديث قتل الحيات ترجم بابًا خاصًا للغنم، مع أنها تدخل في مفهوم (الدابة)، وإنما خصها بالذكر ليبين منقبتها وفضلها، حيث روى فيها الحديث «يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ ...» ثم رجع إلى رواية الأحاديث التي تدخل في نطاق الدابة بمفهومها العام.


(١) انظر " البخاري بحاشية السندي ": ١/ ١١.
(٢) انظر " البخاري بحاشية السندي ": ٢/ ١٣٦. وقوله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: ١٦٤]، وقوله {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: ٥٦].

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) في الكتاب المطبوع ورد (وَالأَسَاوِرُ) وهو خطأ والصواب (وَالأَسَاوِدُ) بالدال، انظر " الجامع الصحيح " للبخاري (٥٩) كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ (١٤) بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: ١٦٤] ... (" فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، ٦/ ٣٤٧، نشر دار المعرفة - بيروت، طبعة سنة ١٣٧٩ هـ).
(**) بُسُطٌ، وليس بَسَطْنَ.

<<  <   >  >>