للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غسل اليد عند الاستيقاظ، أخذًا بالرواية التي أطلقت الاستيقاظ من النوم.

ووجوب غسل اليد عند الاستيقاظ هو مذهب ابن عمر، وأبي هريرة، والحسن البصري.

فإن غمست اليد في الإناء قبل الغسل، فقد روي عن أحمد بن حنبل أنه قال: «فَأَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُهْرِيقَ المَاءَ»، وهذه العبارة تحتمل وجوب الإراقة، وهو مذهب الحسن، وتحتمل استحباب الإراقة.

وقد ذهب الشافعي إلى استحباب غسل اليد عند الاستيقاظ من أي نوم، وكراهة إدخالها الإناء قبل الغسل، فإن أدخلها قبل الغسل لم يفسد ماء الإناء إذا لم يكن على يده نجاسة. وقد مال أبو داود وابن ماجه إلى رأي أحمد، وحكى الترمذي الأقوال دون أن [يُرَجِّحَ] بينها (١).

ولنستمع إلى ابن حزم يدلي برأي الظاهرية في هذه المسألة، فيقول: «وَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْتَيْقِظٍ مِنْ نَوْمٍ قَلَّ النَّوْمُ أَوْ كَثُرَ، نَهَارًا كَانَ أَوْ لَيْلاً، قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ قَائِمًا. فِي صَلاَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ، كَيْفَمَا نَامَ - أَلاَّ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ - فِي إنَاءٍ كَانَ وُضُوءَهُ أَوْ مِنْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ - حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ... فَإِنْ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ وَتَوَضَّأَ، دُونَ أَنْ يَغْمِسَ يَدَيْهِ فَوُضُوؤُهُ غَيْرُ تَامٍّ وَصَلاَتُهُ غَيْرُ تَامَّةٍ» (٢).

ويلاحظ أن ابن حزم يأخذ بالمعنى الزائد، بمعنى أنه يأخذ بالرواية التي


(١) انظر " مسائل أحمد وإسحاق "، مخطوط دار الكتب (ب ٢٣٦٦٠): ج ١ ص ١١؛ و" المغني ": ١/ ٩٨؛ و" الترمذي بشرح ابن العربي ": ١/ ٤١، ٤٢؛ و" سنن أبي داود ": ١/ ٥٩؛ و" ابن ماجه بحاشية السندي ": ١/ ٨٠، ٨٢.
(٢) " المحلى ": ١/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>