للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها كيف يأخذ بظاهر اللفظ في الأوامر والنواهي، لا يؤولها ولا يبعد عنها. فالنص هو محور المنهج الظاهري، والحجة مقصورة عليه، والأخذ بالظاهر المتبادر من ألفاظ النص - التزام عند الظاهرية، يجب التقيد به والوقوف عنده.

والذي يُقَلِّبُ كُتُبَ ابن حزم - فيلسوف الظاهرية وأصوليهم - سيجد أن كلمة «النَّصَّ» ومشتقاتها كثيرة الدروان والشيوع فيها، لا تكاد صفحة من صفحات كتبه تخلو منها.

وابن حزم ينكر بشدة أن توجد مسألة لا نص فيها، بل كل مسألة في الدين ففيها نص ولا بد إِنْ خَاصًّا، وَإِنْ كَانَ عَامًّا. ويقول في ذلك: «وَاعْلَمُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذِهِ المَسْأَلَةَ لَا نَصَّ فِيهَا قَوْلٌ بَاطِلٌ وَتَدْلِيسٌ فِي الدِّينِ، وَتَطْرِيقٌ إِلَى هَذِهِ العَظَائِمِ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يُحَرِّمُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنْ مَاتَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ حَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ...} [البقرة: ٢٩] وَقَوْلِهِ: {... وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] وَكُلُّ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَلَمْ يُوجِبْهُ ...» (١).

ولو حاولنا أن نصف المنهج الظاهري في أسطر قليلة، لوضح لنا ثقل كلمة (النَّصِّ) في الميزان الظاهري ومدى تقيده به:

[أ] فالمبادرة إلى إنفاذ الأمر واجبة إلى أن يفيد التأخير نص آخر أو إجماع فيوقف عنده (٢).

[ب] والأمر والنهي على الوجوب في الفعل والترك، إلا أن يأتي


(١) " الإحكام ": ٤/ ١٤٠. والآية الأولى هي ٢٩ من سورة البقرة. والثانية ١١٩ من سورة الأنعام.
(٢) انظر " الإحكام ": ٣/ ٤٥؛ و" النبذ " لابن حزم أيضًا: ص ٢٧، ٢٨.

<<  <   >  >>