للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذِكْرِ اللَّهِ} (١) دليل على أن كل مانع من السعي إلى الجمعة تركه واجب، وعلل ذلك بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن جميع أضداده. وقد قرر ابن حزم أن الأمر بالشيء هو نهي عن فعل كل ما خالف الفعل المأمور، وعن كل ضد له خاص أو عام، يقصد بالضد الخاص، المضاد في النوع وبالضد العام، المضاد في الجنس، فالأمر بالقيام يقتضي النهي عن القعود والاضطجاع والانحناء وعن كل هيئة ما عدا القيام (٢).

هذا بعض أنواع الدليل المأخوذ من النص، وهناك أنواع أخرى لا تخرج أيضًا عن دلالة اللفظ (٣) وكان من المفروض أن يكون هذا الدليل بكل أنواعه من أبحاث الألفاظ التي تشتمل عليها النصوص، كالأمر والنهي والعموم والخصوص، ولكن لما كانت أنواع الدليل ليست من قبيل الدلالة الظاهرة للنص، وإنما هي أخذ بما تضمنته دلالتها من معان لا تظهر إلا بعد تأمل، وكان منهج الظاهرية حرفيًا ملتزمًا للنص الظاهر - احتاجوا أن يفردوا الدلالات اللازمة للمعنى الظاهر تحت اسم خاص هو الدليل (٤).

أما الدليل المأخوذ من الإجماع فقد قسمه ابن حزم إلى أربعة أقسام، هي: الاستصحاب أو استصحاب الحال، وأقل ما قيل، وإجماعهم على ترك قولة ما، وإجماعهم على أن حكم المسلمين سواء.

أما النوع الأول وهو الاستصحاب، فقد أشار إليه ابن حزم بالمثال


(١) [الجمعة: ٩].
(٢) انظر " الإحكام ": ٣/ ٦٨، ٦٩.
(٣) مثل عدم وجود نص بالإيجاب أو التحريم، فذلك يدل على الإباحة، وهذا داخل في الاستصحاب، ومثل القضايا المتدرجة، وهو يدخل في النوع الأول، ومثل عكس القضايا فكل مسكر حرام، تعكس إلى بعض الحرام مسكر، ومثل دلالة الالتزام أو التضمن، فجملة: «رَيْدٌ يَكْتُبُ»، تفيد أنه حي وأن أصابعه تتحرك.
(٤) انظر " ابن حزم "، للأستاذ أبي زهرة: ص ٣٦٤، ٣٦٨.

<<  <   >  >>