للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نقل السبكي عن والده أن الذي صح عنده هو أن داود لا ينكر القياس الجلي، وإن نقل إنكاره عنه ناقلون - بل ينكر القياس الخفي فقط، أما لذي ينكر القياس كله، جليه وخفيه، فهم طائفة من أصحابه، زعيمهم ابن حزم.

ويعقب السبكي على رأي والده، بأنه بعد اطلاعه على " رسالة " لداود في الأصول وجد أن ظاهر كلام داود فيها يدل على إنكاره للقياس جملة، وأنه لا يقول بشيء منه، نعم إنه يطبق العلة إذا كانت منصوصة، ولكنه لا يسمي هذا التطبيق قياسًا، بل هو استعمال لدلالة النص (١).

وبهذا يرد أيضًا على ابن عبد البر، الذي اعتبر (الدليل) نوعًا من أنواع القياس (٢)، وقد سبق أنه من دلالة النص أو الإجماع.

وذكر الغزالي أن نفاة القياس ثلاث فرق بالنسبة للعلة المنصوصة:

١ - الفرقة الأولى ذهبت إلى أن التنصيص على العلة، كذكر اللفظ العام فإذا قال الشارع: حرمت الخمر لإسكارها، فإن هذا يساوي: حرمت كل مسكر، وإذا قال: «اقْتُلْ هَذَا الكَلْبَ لِأَنَّهُ أَسْوَدٌ»، كان معنى ذلك: اقتل كل كلب أسود.

٢ - الفرقة الثانية: أجازت القياس بالعلة المنصوصة دون المستنبطة وهؤلاء كالفريق الأول، لم يفارقوه إلا في التسمية، حيث سمى هذا النوع قياسًا، وأبى ذلك الفريق الأول.

٣ - الفرقة الثالثة: أنكرت الإلحاق مع وجود النص على العلة،


(١) انظر " طبقات الشافعية ": ٢/ ٤٦.
(٢) انظر " جامع بيان العلم ": ٢/ ٦٢، ٦٣.

<<  <   >  >>