للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا، فإذا شرب الكلب في إناء وجب إراقة ما فيه كثيرًا أو قليلاً، ماء أو غيره، وغسل سبعًا، أولاهن بالتراب مع الماء ولا بد.

«فَإِنْ أَكَلَ الكَلْبُ فِي الإِنَاءِ وَلَمْ يَلَغْ فِيهِ أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ أَوْ [ذَنَبَهُ] أَوْ وَقَعَ بِكُلِّهِ فِيهِ - لَمْ يَلْزَمْ غَسْلُ الإِنَاءِ وَلَا هَرْقُ مَا فِيهِ البَتَّةَ وَهُوَ حَلاَلٌ طَاهِرٌ كُلُّهُ كَمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَغَ الكَلْبُ فِي بُقْعَةٍ فِي الأَرْضِ أَوْ فِي يَدِ إنْسَانٍ أَوْ فِي مَا لَا يُسَمَّى إنَاءً فَلاَ يَلْزَمُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا هَرْقُ مَا فِيهِ ...» ولم يجعل ابن حزم للخنزير في ذلك حكم الكلب (١).

وَقَدْ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إِلَى طَهَارَةِ المَنِيِّ، وَأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ إِزَالَتُهُ، وَجَعَلَهُ مِثْلَ البُصَاقِ، وَأَنَّ مَنْ يَغْسِلُهُ لَا يَغْسِلُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ اسْتِقْذَارِهِ أَوْ كَرَاهِيَتِهِ رُؤْيَةَ النَّاسِ لَهُ فِي ثَوْبِهِ (٢).

كَمَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ المَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ [تُخَلِّلَ] شَعْرَ نَاصِيَتِهَا أَوْ ضَفَائِرِهَا فِي الغُسْلِ، وَلَكِنَّهُ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى غَسْلِ الجَنَابَةِ، أَمَّا غُسْلُ الجُمُعَةِ، وَالغُسْلُ مِنْ غَسْلِ المَيِّتِ، وَمِنَ النِّفَاسِ - وَكُلُّ ذَلِكَ فَرْضٌ عِنْدَهُ - فَيَلْزَمُ المَرْأَةَ فِيهَا أَنْ تَحُلَّ ضَفَائِرَهَا، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي غُسْلِ الجَنَابَةِ فَقَطْ» (٣).

وأيضًا فقد ذهب إلى أن حقوق الله تعالى مقدمة في التركة على ديون العباد وتخرج من كل ماله، «فَإِنْ كَانَ نَذَرَ صَلاًةً صَلاَّهَا عَنْهُ وَلِيُّهُ، أَوْ صَوْمًا كَذَلِكَ، أَوْ حَجًّا كَذَلِكَ، أَوْ عُمْرَةً كَذَلِكَ، أَوْ اعْتِكَافًا


(١) انظر " المحلى ": ١/ ١٠٩، ١١٧؛ وانظر " المغني ": ١/ ٥٢ حَيْثُ «أَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلَ الغَسْلَ سَبْعًا مِنَ الكَلْبِ وَالخِنْزِيرِ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا»، وفي رواية عنه: «أَلْحَقَ بِهِمَا جَمِيعَ النَّجَاسَاتِ».
(٢) انظر " المحلى ": ١/ ١٢٥، ١٢٨، وقد ذهب أهل الظاهر أيضًا إلى أن الطهارة ليست شرطًا من مس المصحف، وأن للجنب أن يمسه. انظر " بداية المجتهد ": ١/ ٣٢.
(٣) انظر " المحلى ": ٢/ ٣٧، ٤٠.

<<  <   >  >>