للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[يُثْبِتَهُ] بِقَوْلِ مَنْ لَا يَعْلَمُ» (ص ١٤).

ونلاحظ هنا أن البخاري يتهم خصومه بعدم معرفة الآثار، وسوف يأتي اتهامه لهم بالتقليد، وأنهم يختارون من السنن ما يوافق مذهبهم، وكان يجب عليهم أن يخضعوا أنفسهم ومذهبهم للسنن.

وقد طعن من لا يرفع اليدين في حديث الرفع، فذكر أن ابن عمر كان صغيرًا لا يدرك من فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يدرك غيره، كما طعنوا في وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أحد رواة حديث رفع اليدين.

وقد رد البخاري على ذلك، فقال: «وَالعَجَبُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ صَغِيرًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وَلَقَدْ شَهِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عُمَرَ بِالصَّلَاحِ - ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ حَفْصَةَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَجُلٌ صَالِحٌ "»، ثم روى البخاري أن ابن عمر قال: «إِنِّي لَأَذْكُرُ عُمَرَ حِينَ أَسْلَمَ».

وبعد أن رد على من طعن على وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، نعى على مخالفيه تقليدهم وإخضاعهم السنن لهذا التقليد، فقال: إنه لو ثبت رفع اليدين عن الصحابة الذي يستدل بهم المخالفون على عدم الرفع، كابن مسعود، والبراء، وجابر - لم يعدم المخالفون علة يعللون بها ما ورد عنهم، ما دام هذا المروي مخالفًا لرأي رؤسائهم، ولقالوا: «أَنَّ رُؤُسَاءَنَا لَمْ يَأْخُذُوا بِهَذَا , وَلَيْسَ هَذَا بِمَأْخُوذٍ».

«وَلَقَدْ قَالَ وَكِيعٌ: " مَنْ طَلَبَ الحَدِيثَ كَمَا جَاءَ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ , وَمَنْ طَلَبَ الحَدِيثَ لِيُقَوِّيَ هَوَاهُ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ ".

يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْبَغِي أَنْ [يُلْقِيَ] رَأْيَهُ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ ثَبَتَ الحَدِيثُ , وَلَا [يَعْتَلُّ] بِعِلَلٍ لَا تَصِحُّ لِيُقَوِّيَ هَوَاهُ.

وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ

<<  <   >  >>