للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لضرورة اللحاق بالإمام، لأن الفروض لا تسقط بهذه الضرورة. فلو ترك تكبيرة الإحرام قبل ركوعه، خوفًا من فوت الإمام لما صحت صلاته (١).

هذه هي وجهة النظر الحنفي، كما عرضها الطحاوي، فكيف عرض البخاري وجهة نظره؟

لم يذكر البخاري في " صحيحه " إلا ترجمة مختصرة، ولكنها تفصح عن رأيه بوضوح، فقال: (بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ). «ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الكُوفَةِ اشْتَكَوْا سَعْدًا إِلَى عُمَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ قَالَ لَهُ: " يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ تُصَلِّي "، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: " أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاَةَ العِشَاءِ، فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ ... "»، كَمَا رَوَى حَدِيثَ عُبَادَةَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ». ثم روى حديث أبي هريرة في المسيء صلاته، وفيه: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» (٢).

أما الجزء الأول الذي ألفه البخاري في هذه المسألة، فقد ناقش فيه حجج أهل الرأي مفندًا لها، مبينًا تناقضهم.

وقد بدأ عرضه للموضوع بذكر الروايات في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:


(١) انظر " معاني الآثار ": ١/ ١٢٧، ١٢٩. ونقل الإجماع على الاعتداد بالركعة لمن أدرك الركوع مع الإمام - غير مسلم، كما سيأتي في مناقشة البخاري.
(٢) انظر " البخاري بحاشية السندي ": ١/ ٩٠، ٩١.

<<  <   >  >>