للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحجاز مرادفًا لأهل الرأي، دون أن يلاحظ أن كثيرين ممن ذكرهم من أهل الحديث ليسوا من الحجاز، بل إن معظمهم من أهل العراق.

وقد جرى كثيرون من المؤرخين على هذا النسق من تقسيمهم للمجتهدين إلى أهل حديث وأهل رأي، كابن القيم الذي تبع الشهرستاني في تقسيمه، حيث قال في أثناء عرضه لموضوع اليمين مع الشاهد الواحد: «وَالذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ أَنَّ اليَمِينَ تُشْرَعُ مِنْ جِهَةِ أَقْوَى المُتَدَاعِيَيْنِ، فَأَيُّ الخَصْمَيْنِ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ جُعِلَتْ اليَمِينُ مِنْ جِهَتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الجُمْهُورِ كَأَهْلِ المَدِينَةِ وَفُقَهَاءِ الحَدِيثِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا أَهْلُ العِرَاقِ فَلَا يُحَلَّفُونَ إلَّا المُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ. فَلَا يَجْعَلُونَ اليَمِينَ إلَّا مِنْ جَانِبِهِ فَقَطْ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ..» (١).

وذكر البيهقي عن يحيى بن محمد العنبري قال: «طَبَقَاتُ أَصْحَابِ الحَدِيثِ خَمْسَةٌ: المَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالحَنْبَلِيَّةُ، وَالرَّاهَوِيَّةُ، وَالخُزَيْمِيَّةُ أَصْحَابُ ابْنِ خُزَيْمَةَ» (٢) وقد يعني ابن القيم بـ (أَهْلِ الحَدِيثِ) أهل السُنَّةِ، فيذكرهم في مقابلة أصحاب البدع من الفرق الكلامية ولذا يُدْخِلُ فيهم أبا حنيفة وغيره، كقوله: «وَأَمَّا طَرِيقَةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةِ الحَدِيثِ كَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالبُخَارِيِّ وَإِسْحَاقَ ...» (٣).

ولكن فريقًا من المُؤَرِّخين ذهب إلى تقسيم ثلاثي لا ثنائي، فقسم المجتهدين إلى:


(١) " إعلام الموقعين ": ١/ ١١٨.
(٢) " إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٦٢.
(٣) " إعلام الموقعين " مع " حادي الأرواح ": ٣/ ٣٦٢.

<<  <   >  >>