للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام أنها متناقضة أو معارضة للعقل، ويشير الخطيب إلى هذا الكتاب فيقول: «قَدْ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ الْمُؤَلَّفِ فِي تَأْوِيلِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيثِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ فَسَادِ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ، مَا فِيهِ مُقْنِعٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِرُشْدِهِ، وَرَزَقَهُ السَّدَادَ فِي قَصْدِهِ» (١)

ولنا أنْ نتساءل: ما الذي نقمه المعتزلة من المُحَدِّثِينَ؟ وما الذي أنكره المُحَدِّثُونَ على المعتزلة؟

أما ما نقمه المعتزلة على المُحَدِّثِينَ فقد حكاه ابن قتيبة في مقدمة كتابه " تأويل مختلف الحديث " ويمكن أن نلخصه فيما يأتي:

[أ] كثرة الأحاديث المختلفة والمتناقضة، بحيث تجد كل فرقة في هذه الأحاديث ما تحتج به على صحة ما ذهبت إليه، مع ما بين هذه الفرق من التضاد والنفرة، سواء في العقائد كالخوارج والمرجئة والقدرية والرافضة وغيرها، أو في الفروع كاختلاف العراقيين والحجازيين. والتناقض لا يمكن أن يصدر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي هذه المتناقضات ما هو كذب، والمحدثون يحملونه (٢).

[ب] روايتهم للأحاديث الموضوعة التي تجافي تنزيه الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، وتتنافر مع روح الإسلام، إذ تبرزه كأنه يتآلف مع العقائد التي تدعو إلى التجسيم والتشبيه والحلول (٣).

[ج] تناقضهم في الجرح والتعديل «قَالُوا: وَمِنْ عَجِيبِ شَأْنِهِمْ أَنَّهُمْ يَنْسُبُونَ


(١) المصدر السابق ورقه (٦٨) وانظر في اختلاف الحديث ومشلكه والفرق بينهما رسالة " أبو جعفر الطحاوي وأثره في الحديث ": ص ١٧١، ١٩٠، وهناك ترى نَقْدَ المُحَدِّثِينَ لابن قتيبة في اختلاف الحديث.
(٢) " تأويل مختلف الحديث ": ٢، ٧.
(٣) انظر المرجع السابق: ٧، ١٠.

<<  <   >  >>