للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مظانها، ورتبها ترتيبًا حسنًا، فكان كتاب «الإكمال» أَوعى كتابًا في هذا الفن.

لكن قال ابن ماكولا: « … وجمعت كتابي الذي سَمَّيته «بالإكمال» ولم أتعرض فيه لِتَغْلِيطه، ولا تَغليط غَيرِه، ورسمتُ ما غَلَط فيه واحِدٌ منهم في كتابي على الصحة، ولَمَّا أعان اللهُ تعالى على تَمَامِه، ذكرتُ ما رُوِي عن النَبيِّ أنه قال: مَنْ كَتَم عِلمًا عَلِمَهُ أُلْجِمَ يومَ القِيامَة بِلِجَامٍ مِنْ نَار (١).

وما رُوِي عن بَعض السَلف أنه قال: وما أوجب الله تعالى على الجهال أن يتعلموا حتى أوجب على العلماء أن يُعَلِّمُوا (٢).

وخَشِيتُ أن تَبقى هذه الأوهامُ في كتبهم، فَيظُن مَنْ يراها أنها الصحيح، ويَتَّبع أَثَرهُم فيها، فَيَضِل مِنْ حَيث طَلَب الهِدَايةَ، ويَزِل مِنْ جِهةِ مَا أراد الاسْتِثْبَات، وإذا رأى كتابي رُبَّما تَصوَّر أن الغَلَط ما ذَكرتُه أنا، وإن أحسن الظن بي، جَعَل قولي خِلافًا، وقال: كذا ذكر فلان، وكذا ذكر فلان.

فاسْتَخرتُ اللهَ تعالى ورَغِبتُ إليه في عَضُدِي بالتوفيق والإرشاد، وسألته إلهامي القَصْدَ وتَأييدي بالسَدَاد وجمعتُ في هذا الكِتَاب أَغْلاطَ أبي الحَسَن عَلِي ابن عُمَر، وعبد الغَنِي بن سعيد مِمَّا ذَكره الخَطِيبُ، ومما لم يذكره؛ لتكون أغلاطهما في مكان واحد، وما غَلَّطَهُما فيه وهو الغَالِط، وأغلاط الخطيب في المُؤتنِف».

قلت: ثم كان منهجه في الكتاب على نحو ما ذكر هو فقال:

«ورَتَّبتُه على حروف المُعْجَم لِيَسْهُل طَلبُه على مُلْتَمِسِه ويَقرُبَ وُجودُه مِنْ طَالبِه وبَيَّنتُ الحُجَّة على ما ذكرته، والدليلَ عَلى ما أوردته، واعتمدت الإيجاز والاختصار، ولم أَسُق الطُرَق، وأُكْثِر بِتَكرير الأسَانِيد، وتركت أغلاط الخطيب في


(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٠٨٤٥)، من حديث ابن عباس .
(٢) ينظر: «الإمتاع والمؤانسة» لأبي حيان (ص ٣٤٥).

<<  <   >  >>